رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

«فلسفة العناد فى زمن الباطل»

من الصعوبة تغيير رأى شخص يتشبث برأيه لمجرد الانتصار له لأن هذا النوع من الشخصيات تمتلك عقلية متحجرة غير قابلة للتغيير حتى ولو كان على نحوٍ أعمى يفتقر للكثير من المنطق والحكمة والعقل، ففلسفة العناد والجدال بالباطل أصبحت هى المقياس للشعور بالانتصار والقوة فى ظل الوضع الراهن الذى فتح المجال للجميع لكى يدلى بدلوه فى كافة القضايا وعلى جميع الأصعدة من السياسيين وحتى مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى، فخرجت حقبة من الخلافات القائمة على العناد والتمسك بالرأى لإثبات الحضور فقط لا أكثر، الأمر لا يقتصر على أصحاب الآراء السياسية الصارمة التى لا تتغير أو أعضاء الأحزاب الذين لا يوضحون فى كثير من الأحيان ما هى النتائج الإيجابية الملموسة التى ستحصد نتيجة ذلك التمسك بالآراء، ولا حتى على أصحاب العقائد واللحى الذين يبالغون فى التشبث بالرأى لدرجة التطرف! بل امتد حتى وصل للمنازل، فبين الرجل وزوجته نجد إسرافا فى ثقافة العناد لمجرد إثبات أنه المتحكم أو المتحكمة فى المنزل، والعناد بين الزوجين هو أسرع طريقة يمكن أن تهدم المنزل فى وقت قياسى، فنجاح الحياة الزوجية لا يتم سوى بالحكمة والود واللين بين الزوجين والتحلى بقدر كبير من التفاهم وتجاوز الهفوات وعدم الوقوف على الزلات أو تصيد الأخطاء، فالجميع يدرك عواقب العناد لكن لا أحد يستطيع تحقيق التخلى عنه على أرض الواقع ليصبح الأمر تراكمات سلبية صغيرة مستمرة تولد بالنهاية مشكلة ضخمة قائمة على سبب بسيط، العناد فى كل حالاته يدل على عدم قدرة الشخص على التوافق والتكيف مع الآخرين حوله وفى بعض الحالات قد يكون مؤشراً على ضعف الشخصية الذى يختبئ خلفه شخصية هشة تحاول إظهار قوتها الزائفة، العناد ليس أسلوباً ناجحاً لتحقيق المطالب خاصة إذا كان التخلى عنه سيظهر ضعف رأى الرجل على وجه خاص أمام أسرته أو زوجته، فالغالبية يترسخ فى عقلهم أن الحياة الزوجية عبارة عن حلبة صراع يجب على كل طرف بها إثبات أنه الأقوى والأجدر بتولى ذمام المبادرة بالرغم من أن الحياة الزوجية ميثاق غليظ يجب أن يضعف أمامه كل الصغائر التى يمكن أن تهدم جدار الود والمحبة فيما بينهم، ومن المعروف أن الرجل الشرقى بطبيعته يكره الرفض فكيف بزوجته التى سترفض رأيه وتظهر ضعفه أمام الآخرين، وهنا يتولد إحساس بالإهانة ينتج عنه العناد والتشبث بالرأى للانتصار لكرامته حتى وإن كان مخطئا حتى لا تهتز صورته لأنه تعود على تولى ذمام الأمور دون نقاش أو جدال، ولكى نكون أكثر إنصافاً هناك أيضاً فئة من النساء يتمسكن بالعناد لدرجة المرض، وهذا النوع من أصعب أنواع النساء التى يمكن التعامل معها لأنه يرجع لمراحل حياتها الأولى التى تعودت فيها على تلبية كافة مطالبها مستغلة سيف العناد لتحقيق ذلك.

العناد يولد التسلط والتسلط يولد القسوة والبغض والتنافر، يليه عدم الاحترام والتقدير للمحيطين ثم الابتعاد بالنهاية، لأن العناد خرج من صورة الرفض للرأى الآخر ليصبح قرار وجب نفاذه على حساب أى شىء آخر، وعلى كل شخص معرفة أن التشبث بالرأى مرض يجب التغلب عليه بالاستماع للطرف الآخر وتقدير الآراء المخالفة حتى وإن لم نكن سنعمل بها، خاصة الزوجان الذى يجب على كل طرف منهما التمسك بأدب الحوار وترك الجدال والأمور الصغيرة والمواقف السلبية جانباً خاصة عند الدخول فى نقاش عن طريقة تربية الأطفال أو الأمور المتعلقة بالمنزل والنفقات، ومحاولة الاستماع للطرف الآخر والتفكير فى وجهة نظره مع مراعاة إبعاد الأطفال عن دائرة الخلاف الناتج عن العناد لأن هناك الكثير من الآباء والأمهات يستغلون الأطفال للانتصار لموقفهم.