رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقال رئيس التحرير

«أيها الشئ النكرة».. تأدب!!!

حالة من الجدل عمّت الأوساط الثقافية والسياسية والإعلامية تعيشها مصر بل وتجاوزتها... فأصبحت حديث العالم هنا وهناك... وذلك بمناسبة «العفو الرئاسي»... عن أكثر من ثمانيين شابا وفتاة... معظمهم مازالوا في المرحلة الجامعية...

ومع الاحساس بالفرحة التي ملأت أركان مصر.. ومزيد من السرور الذي انتاب الشعب بأسره في هذه المرحلة الصعبة للغاية من تاريخ المحروسة...

ومع الشعور بالأمل الوثاب في احتواء جموع الشباب الشاردة والتي غردّت لفترة خارج سرب الأوطان...

علما بأن حالة الجدل لم تكن نابعة بالضرورة عن «العفو»... بقدر ما كانت متعلقة بأسماء بعينها.. وردت في من شملهم العفو..

وخاصة أن منهم شخصا أثار حفيظة المسلمين في كل مكان في السنوات الأخيرة بتعدّيه الجاهل وغير اللائق على أئمة الفقه والدين... باللفظ الخارج تارة وتارة أخرى تجرأه على دين الله عزوجل... دون بضاعة من علم أو فقه أو فهم أو خبرة أو تربية...

الأمر الذي زج به إلى السجن ليقضي فيه حكما قضائيا صدر ضده بالحبس لمدة سنتين... وتشترك في جرائمه أخرى تعدّت على شعيرة من شعائر الحج ولم تتراجع... فصدر ضدها أيضا حكما قضائيا نافذا...

ولا أدري فيما كان دخوله السجن.. حتى يخرج بهذا التعدي السافر.. والإصرار المريض على المضي في طريق الظلام.. حيث يبدو أنه قد فَهم العفو عنه بصورة خاطئة...

أو أننا قد كان علينا أن ندرك أن خلقه وثقافته وفكره الشاذ المعتل الشارد لن يدرك قيمة ذلك العفو...

ليكون الخطأ فينا إذن.. نعم العيب فينا.. وما كان ينبغي أن يشمله إذن ذلك العفو.. الذي في هذه الحالة... قد جرح وصدم جموع المصريين.. «المسلمين»...

ولمن لا يعلم نُعْلِمُه... أن هذا الشخص النكرة.. خرج على قناة تجارية فور الإفراج عنه.. لا أدري كيف أن تلك القناة تؤكد خيانتها ليس فقط للوطن وإنما للدين بهذه الصورة السافرة حين تفسح له المجال بالحديث؟؟!! .. فضلا عن استقباله بطلا!!!!.. بعد أن عاب بجموح بالغ في سير أئمة ما كانوا جميعا هؤلاء المرتزقة يرتقون حتى لاستيعاب فكر وأقوال وأفكار وكتب وعلم أو الدرجات الإيمانية العليا لهؤلاء الأئمة....

حتى يستمر في التطاول على ذلك النحو السابق وهو يقول: أنه خرج ليكون أشد ضراوة عن ذي قبل... مسترسلا كما لو كان شيئا.. أو قيمة لها وزنا أو اعتبارا ... مما حدا بي الضحك إلى حد «القهقهة»...

وهو يقول : سوف أحارب السلفية ولن التفت إليهم فأنا سأحيي منهج «الإمام محمد عبده»...

ولا أزال استمر في ضحكي وسخريتي منه والله حى الآن... لأنه يشبه نفســه وهــزله وسطحيته وجهله... وسوء أخلاقه بالإمام محمد عبده...

مَنْ ذلك الشئ؟؟!!!... الذي يصنع لنفسه نجومية مريضة عبثية همجية فوضوية تثير النفور والاشمئزاز؟؟!!!... على غير ما هو يعتقد تماما... حيث إننا معه ونراه حين يرى حقيقته المفلسة الخواء... وأنه يحاول أن يصنع دَميّة... وعلينا ألا نعينه على إشباع مرضه النفسي... في تنوير نفسه بتعريفه بضآلة حجمه... وليس كما يقول باستكمال مشروعه التنويري «المختل»...

الذي يدفعني أن أجعله عليه... كظلام ليل دامس..

أيها الشئ النكرة «تأدب»...

كن معي فأنا ادعوك.. وأنا أكشــف الستار عنك..

ولكني أعزي نفسي أولا.. في السادة المثقفين الذين لم نسمع لهم صوتا حتى في قضية دعوتك إلى فرض جهلك أو عمالتك لضرب الدين عن طريق البلبلة الفكرية التي تحاول أن تtرضها بجهلك هذا... بفرض الآراء الشاذة المغرضة.. والطعن في المسلمات... لأنه حين نعرض هذه الآراء الشاذة إذن أنت تتبع منهجهم.. إذن أنت واحد منهم...

أوجّه حديثي للجموع بالطبع لن أوجهه لك لأنك لن تفهمه.. حيث ألزم من يفهم بالتصدي واتخاذ الاجراء العاجل واللازم والمناسب ضدك وفورا.......

يا قـــــــــــــوم..........

ما هي علاقة هذا الشخص وما كان يقدمه ويطرحه بالتنوير؟؟!!... والأدهى والأمر ما هي علاقة أطروحته بالإمام الهمام محمد عبده «رحمة الله عليه»؟؟!!...

إن ما كان يقدمه «هذا الشئ النكرة» ...... من آراء وأفكار بل من سباب وألفاظ خارجة بحق رجال خدموا الدين واستفرغوا الجهد والطاقة والوقت والذهن في خدمته لا يمكن أن يسمى رأيا أو فكرا... ولا يرقى مطلقا ليكون مناقشة جادة مفيدة تستدرك عليهم بعض الآراء أو الأحكام... بل هو الضلال المبين والمكابرة دون بضاعة... وتطاول يستحق المؤاخذة..

إن ما كان يعرضه «هذ الشئ النكرة» لم يكن فيه سوى بوق يردد ما عرضه حقدة الإسلام من المستشرقين الذي كانوا كما كشف التاريخ عنهم أو معظمهم مأجورين تدفع لهم جهات بعينها للطعن في الإسلام حقدا وحسدا عليه ..

ومن هؤلاء الذين ارتبط بهم دراسة هذا الشخص النكرة.. «جولد تستهير» الذي أورد هذا الشخص ما عرضه في كتابه بما ادعى أنه صاحب رسالة علمية فنيه... فهذا الكتاب يدور حول «العقيدة والشريعة في الإسلام» حيث ردد الشبهات الموجودة به حتى يقذف بها الحق.. وأنّا للباطل أن يمحو الحق أو ينال منه!!!...

فضلا عن أن أمرا أود أن أتوقف معه أيضا..... حول كلمة «التنوير» كمصطلح يتشدق به هذا «الشخص النكرة» ويدعي انتمائه إليه.... وهو لا يعلم معناه من أصله...

أقول له أنت وأمثالك....

كم ظلمتم هذه الكلمة كثيرا وأهلتم عليها التراب حتى كادت تصبح ظلاما وجهالة دامسة حالكة فاسدة ومفسدة مثلكم..... فهذا المصطلح المسمى «بالتنوير» حُمّل غبار معركة وقعت على غير أرض الإسلام... ونشأت وترعرع في ظروف ثقافية بعيدة كل البعد عن بيئتنا الإسلامية...

أيها الشئ النكرة «تأدب».. واسمع مني كي تتعلم: 

لقد ظهر هذا المصطلح كنتاج لصراع طويل ودامٍ وحامٍ حين دار بعيدا كل البعد عن الإسلام وبيئته.. فلقد كان هذا الصراع بين رجالات الكنيسة والعلماء منذ أيام «كوبر نيق» الذي عاش ما بين القرنين الرابع والخامس عشر الميلادي... وكانت آراؤه في الطبيعة وفي الفلك وفي مراكز الكون تخالف رأي الكنيسة بل على النقيض منها ..

في هذه الفترة التي كان رجال الدين هم الراعي الرسمي للجهل والخرافة والتخلف وحينما رفض العلماء هيمنتهم على الحياة العامة وفرض آرائهم بالقوة وسيطرتهم على مناحي التفكير والتفسير للظواهر الكونية وحركة الحياة على الأرض احتد بينهم الصراع واشتد حتى فتق عن ذلك الاتجاه المسمى «بالتنوير»...

وفيه رفض العلماء هذه السيطرة المفروضة عليهم من رجالات الدين وأصبح المصطلح رمزا يجسد حاله مرت بها المجتمعات في الغرب كما أنها عبّرت بالضرورة عن النتيجة التي انتهت فيها تلك المعركة وحسمها التاريخ والواقع لصالح العلم والعقل ضد الكنيسة ورجالاتها...

هل عرفت الآن «أيها الشئ النكرة»؟؟!!!.........

البيئة والمناخ الذي استخدمت فيه هذه الكلمة وما دار حولها من معان ودلالات... وبعد ذلك حاول أذيال المثقفين وأتباع المستشرقين أن ينقلوا هذه المعركة بكل ما كان فيها من ملابسات وظروف إلى عالمنا العربي والإسلامي..... دون أن يفطنوا إلى طبيعة الإسلام لجهلهم الشديد بتعاليمه وتاريخه ومبادئه.. التي يحتل فيها العقل المكانة الرفيعة والمنزلة الغالية والعالية ... فلا يوجد كتاب إلهي مقدس يحفل بالعقل ويحتفل به ويشيد ويعول عليه ويجعله مناط التكليف سوى القرآن الكريم... الذي أمر بالنظر والاعتبار ودعا إلى السير في الأرض واستعمارها والانتفاع بها باعتبارها أنها من آيات الله الدالة على قدرته... ومن نعمه التي سخرها للإنسان وجعله فيها سيدا ...

أيها الشئ النكرة «تأدب»...

لقد عني الإسلام بالعلم كما عنى بالعقل... العلم بمعناه الواسع بفروعه المختلفة ولاسيما التطبيقية منها... التي حفل القرآن في كثير من آياته بها،.... والآيات القرانية الدالة على ذلك من الكثرة...

ومن هنا نقول :

إن إثارة الأزمات والمشكلات حول هذا المصطلح وما يتطلبه من رؤية أو تنظير لا يستطيع أمثالك الوقوف على حقيقته ذلك بسبب ترديدهم كلمات تحمل مفاهيم ومعاني بعيدة كل البعد عن بيئتنا وظروفنا على الأقل... ويرجع ذلك إلى اضطراب تلك المصطلحات وعدم وضحها في عقول أمثالك وغيرك...

وعلى ذلك فإن فكرة التخلص من الماضي واستلهام النموذج الغربي والحذو حذوه .. واتخاذه قدوة مسألة في غاية الخطورة وظلم بيّن للإسلام ورسالته..

لا يليق بأصحاب دين كالإسلام أن يسلموا بكل التداعيات والروافض التي يتطلبها هذا المصطلح على هذا النحو حتى لو دخل هؤلاء «جحر ضب خرب» يتمنوا الدخول فيه... من شدة تأثرهم بالفكر الغربي وما يدعوا إليه...

أيها السادة.....

الفرق شاسع والبَون هائل..... بين الإسلام بتاريخه وبين ما كان يحدث في القرون الوسطى لدى الغرب على أيدي رجال الكنيسة...

ونحن لا نرفض المصطلح لتسميته ولا نمتنع عن الاستفادة من مكاسب الآخرين وتجاربهم ولكن بما يتوافق مع فكرنا ويتناسب مع ديننا وظروفنا...

لقد كنا في مراحل الإسلام الأولى وعلى حد تعبير الدكتور «زكي نجيب محمود» :«أمة تشبه النحل الذي يجمع أفضل رحيق للزهور لتخرج به عسلا شهيا»....

هكذا كانت حضارتنا.. حيث إن أمتنا أقبلت في عصور نهضتها على الترجمات ونقل الثقافات وفتحت الباب على مصرعيه للاستفادة من الآخرين.. حتى شيدت نهضة وأقامت حضارة عبر ما يقرب من ألف عام شهد لها المنصفين.. من علماء الغرب والمستشرقين...

وفي ذلك اسألوا ما شئتم عن «غستاف لبون» في كتابه حضارة العرب.... ماذا قال عن حضارة الإسلام ؟؟!!... قال :«لقد كانت الأندلس هي القنطرة التي عبرت من خلالها أوروبا من عصور الظلام إلى عصور النهضة »....

 أيها الشئ النكرة.. «تأدب»... 

إن ما تنبهر به اليوم من حضارة غربية يرجع في أصوله وقواعده إلى علماء الإسلام .. في كل تخصصاتهم...

فالخوارزمي خلد الغرب ذكراه بإطلاق علم الجبر دون ترجمة تكريما له.....

وجابر بن حيان هو من وضع أصول الكيمياء ..

ونظريات ابن الهيثم ظلت تدرس لقرنين من الآن في جامعات أوروبا ...

ناهيك عما أرساه علماء الإسلام في مناحي العلوم المختلفة سواء كانت نظرية أو تطبيقية .. عقلية أو حياتيه...

إن التنوير بمعناه الذي جاء به الإسلام لا يمكن لأحد عاقل أن يقف ضده لأنه أضئ وجه الحياة وأنار السبيل أمام الإنسانية في كل شأن من شئونها...

لقد أنار الإسلام الحياة الثقافية بعقيدة التوحيد .. وبتمجيده للعقل وبدعوته إلى العلم والحرص عليه .. ألم تقرأ وتسمع وتتأمل في أول آية نزلت في القرآن الكريم؟؟!!.... ألم تكن أقرأ تلك الآية التي تزلزلت الأرض لنزولها وتغير وجه الحياة على البسيطة بها؟؟!!!...

ومن ذلك الحين لم نتعود في خطاب القرآن الكريم.. أي لغة تطفأ سراج العقل ؟؟!!.. أو تقول اتبعوني دون أن تعقلوا !!!!... اللغة التي تقدم لها أنت اليوم فروض الولاء والطاعة.. تذل نفسك وتخرج أنت عن دينك من أجل حفنة من المال أو إشباع مرض نفسي بداخلك أو لإثبات الولاء لأعداء الإسلام.. بل على العكس جاء الإسلام ليقضي على التقليد... وليلفظ المحاكاة ... ولا يزال القرآن ملهما للعقل.. محفزا له.. دافعا لاستثماره كيف لا؟؟!!!.... وهو في دين الله جوهرة الحياة....

أيها الشئ النكرة.. «تأدب».. 

لقد أعطى الإسلام الحق للمسلمين .. وأتاح لهم فرصة التفاعل الحضاري والتبادل الثقافي مع الحفاظ على الهوية الإسلامية..

كما أنه أولى بالتنوير بشرط أن يكون وفق منهج الإسلام في أصوله وقواعده .. في وسائله ومنهاجه.. في أهدافه وغاياته.. في منابعه ومناهله...

أيها الناس.......

بكل أسف كان لهذا «الشئ النكرة» وأمثاله في كل انتكاس] فكرية أو ردة دينية .. وما أردى هذه الأمة وأخرها عمرا وزمنا إلا عندما أساءت فهم الإسلام الصحيح وروحه الحية الوثابة ... التي تغلغلت في مناحي الحياة المختلفة وأخذت بالإنسانية نحو الإرتقاء والسمو... إلى الصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة...

وأعود «لهذا الشئ النكرة » مرة أخرى..

إن من ميزات هذا الدين أنه منح الإنسان الحق في السؤال بل في الجدال .. في كل ما لم يقتنع به في ما لم يطمئن إليه .. لم يعتبر الإسلام الجدال فضلا عن المناقشة الهادفة والهادئة ضربا من الجراءة والضلال... وإلا فما معنى ما ورد في القرآن الكريم على لسان خليل الله إبراهيم.. عندما احتاج أن يطمئن قلبه ويسكن فؤاده. «ومع من؟؟!!.. مع الخالق».. فيما يتعلق بكيفية أحياء الله تعالى للموتى... ومن هنا سأل ربه أن يريه كيف للخالق العظيم أن يحيي الموتى.. بل وسأله خالقه وهو أعلم به «أولم تؤمن».. فكان رد إبراهيم «قال بلى ولكن ليطمئن قلبي»... لم يغضب الله على إبراهيم لسؤاله ... ولم تتزلزل الأرض من تحته مطلقا.. وإنما أجابه الخالق.......

كم في هذا الحوار الذي جاء في القرآن الكريم من دروس وعبر!!! ... وهذا الذي يطيل صبري هذه المرة في الحوار مع«ذلك الشئ النكرة» ... وإلا فلينتظر مني حملة شعواء ضده .. وضد كل من يعاونه.. والله المستعان.. حاول أن تفهم ما أقول ... وإن كان حواري للناس ليكونوا شهودا عليّ معك بعد الله..

لقد اعتبر الإسلام الجدال والذي هو في مادته العربية من الصلابة في الأشياء المادية والمعنوية باعتباره أمر جبِلِيا فطريا اعتاد عليه الإنسان وفي ذلك يشير القرآن الكريم.. «وكان الإنسان أكثر شيئا جدلا»...

والسؤال : متى ينكر الإسلام الجدال؟؟!!...

عندما يكون مماراة وإنكار للحق الجلي الواضح!!!!..

عندما يكون استعلاء عن الإذعان للحق والخضوع له!!!!!..

عندما يكون للشهرة ولكسب المكانة الزائفة أو السمعة المشبوهة!!!!...

أيهــا الناس...

لصالح من؟؟!!!.... يحاول أن يهيل «هذا الشئ النكرة»على جهود علماء أجلاء خدموا الإسلام والمسلمين بذلوا الغالي والنفيس من أجل حفظ هذا الدين...

إن إنكار الحقائق والمعروف أمر يأباه الإسلام وتأباه الإنسانية الرشيدة في حق كل صاحب فضلٍ اسداه إلى الآخرين... فما بالك بمن أسدى المعروف إلى الأمة الإسلامية على الإطلاق...

يؤسفني ويحزني ويبكيني ويفجعني.. أنني أعيش هذه الأيام السوداء .. أن يكون مقتل الدين بيدي الجهلاء أو العملاء من أبنائه... وأن يتجرأ قلمي للدفاع عن الدين من تطاول أقزام !!.....

بعد أن كانت أتشرف وافتخر بقولي أنا مسلمة... اكتفي بالثناء على الله عزوجل .. والصلاة على النبي «صلى الله عليه وسلم» والشكر والمنه وعلى رأسهم التابعين وتابعي التابعين والأئمة...

أيهــا الناس... أين أنتم من هذه الجريمة النكراء يا من تدّعون أنكم ترفعون راية الإسلام؟؟!!!.....

إن التعرض للدين في جوهره .. في أصوله وثوابته.... وإهالة التراب على علم كعلم الحديث ووصفه بالتفاهه كما تطاول «هذا الشئ النكرة التافه»... أمر لا يمكن أن يكون صادرا من مسلم فضلا عن عاقل .. لم يعبأ بهذه الجهود التي بذلت لامتثال أمر الخالق في الاقتداء بالنبي «صلى الله عليه وسلم» ...

إن المساس بالنص القرآني أو بالحديث النبوي الصحيح المتواتر أمر لا يقبل ولا يجوز فيه المناقشة أو الجدال لأنهما ثوابت شُيّد عليهما هذا الدين الذي ندين به ونطمئن إلى صحته... .. حينما يتنكر الإنسان لجهود أجيال متعاقبة ويمسح «باستيكة» تراث أمة بأكلمها أو يستهين به..

كيف يمكن لهذا «الشخص النكرة»؟؟!!.... أو من يسير سيره أو يلف لفه.. أن يكون له حاضر .. فضلا عن المستقبل...

وقديما قال طه حسين في كتابه عن السيرة النبوية :«من ليس له ماض... فليس له حاضر أو مستقبل» ...

لذلك يعد الجدال على هذا النحو من باب قوله تعالى:«يجادلونك في الحق من بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون» سورة البقرة....

أما حين يكون الجدال عن حاجة ماسة ولضرورة ملحة للاقتناع بقضية أو للوصول إلى هدف مشروع بعينه فمن حق أي إنسان يصغى له ويستمع .. ويكون علي النحو الذي جاء في القرآن الكريم:« ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» سورة النحل....

ومن هنا فالجدال لازمة إنسانية وضرورة أباحها الإسلام بل وأمر بها عندما تلتبس الحقائق وإلا فما معنى اسم هذه السورة ومطلعه التي جاءت معبرة وكاشفة عن حالة امرأة ذهبت إلى النبي تسأله عن زوجها حين ظاهر منها .... «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ» سورة المجادلة....

لذلك أقول لك ولأمثالك عما تجهله عن الإسلام أو تتجاهله إن الإسلام دين لم يعرف الصراع بين العلم والدين ولم يعرف التنافر بين العقل والنقل .. فإذا كان النقل وحي من الله تعالى وقبس من نوره سبحانه وتعالى.. فالعقل عون على فهم الدين ... وهو سراج يضيئ النقل.. على حد تعبير الإمام «محمد عبده» ...

لذا أحذركم من هذه الموجه الفكرية القادمة التي تنتويها أن تخرج إلى حيز التنفيذ لأنها ستصطدم بدروع وحصون شديدة ... حتى لا تكن فيرس جديد خطير يسعى إلى تلويث سماءنا الثقافية ويدب السم في عقول أبنائنا والشك في قلوبهم... والريب من دينهم.. عندئذ نكون قد اشتراكنا في هذه الجريمة كلنا مع «هذا الشئ النكرة» بهذا الصمت المزري أو السلبية المخزية أو اللامبالة المخجلة... أو اللامسئولية المؤسفة... حين التخلي عن صون أمانة الله على الأرض .. «ديــنه»... لأنه هكذا تكون جريمة كاملة الأركان والشروط تستحق عليها العقاب في الدنيا والآخرة.. لا يمكن للمجتمع أن يقبلها منك ويأخذها عنك ....

لذلك أقول «لهذا الشئ النكرة» وأمثاله.. تأدب... 

لا يمكن بحال أن يمر هذا الموضوع ولا يمكن لذلك «الشئ النكرة» وأمثاله أن يكونوا مجرد حالة وتمضي لن يمر ... ولن تمضي .. وأذكركم وأكرر وأصر على أنه حالة ليست قاصرة فقط على أحكام القضاء أو رجال الأزهر...

إن الحكم عليه وعلىوأمثاله ملك لجموع الناس ... يخص الشعب بأكمله.... ملك للرأي العام الفاضل... هو حالة ملك للضمير الجمعي للأمة... هو حالة ملك للعقل الجمعي للأمة...

القرار فيها لا يمكن أن يكون منفردا ....

وكون السيد رئيس الجمهورية قد ائتمن أناس يقودون مجموعة من الشباب .. كان أولى بهم أن يكونوا أكثر أمانة وشفافية وتجردا وحرصا على المجتمع ومصالحه العليا وعلى سلامته أمنه... أكثر من حبهم لأنفسهم.. وبحثهم عن أدوار بعد أن تلونوا فتلوثوا بالكثير السابق من تلك الأدوار ... لا يمكن أن يجدوا مكانا على حساب لا الوطن ولا الدين ولا علي حساب أشلاء الإسلام...

كان عليهم أن يقدروا مسئولية الشباب الأخضر الذي ائتمنهم ... وهم يتاجرون به اليوم... فثقة السيد الرئيس غالية وكبيرة جدا من ناحية.. ومن ناحية أخرى ثقة الشباب الذين سوف أبصرهم بتلك الجريمة التي استخدموا فيها.. لأني على يقين أنهم سوف يثأرون لأنفسهم وللإسلام قبل المسلمين في مصر وخارجها....

أيها السادة ....

كفانا دغدغة لعقول شبابنا.. يكفيهم ما يتعرضون له .. من ضغوط وامتحانات وتيارات بفعل السماوات المفتوحة التي تأتيهم بلا صدود أو ردود ..

لذلك أقول...

لا ينبغي أن نعالج التطرف بالتطرف ولا أن نواجه الصدمة بالصدمات وإلا صرع المجتمع بأسره وسقط فريسة سهلة لهذا أو ذاك..

أوإدوا الفتنة قبل حدوثها وانتشارها.. واسعوا بكل ما لديكم من طاقة لصون عقول أبنائكم أوحتى ما تبقى منها ..

فلا يمكن للبلبلة الفكرية أن تنشأ....

جيل قادر على تحمل المسئولية...

جيل يشك في كل شئ جيل يتخوف من أي شئ ...

جيل ينقطع بكليته عن ماضيه ليصبح فريسة سهلة لزبانية جهنم.. ولشياطين الإنس الذين يطلّون عليهم من كل النوافذ.. ويصطدمون بهم على سائر الأبواب...

احفظوا شبابكم.. واحفظوا عليهم ما تبقى من دينهم.. ولا تتيحوا الفرصة للهرج والمرج.. وواجهوا الشيطان في عقر داره ولا تمنحوه حق اللجوء في رؤوس أبنائكم.. واحفظوا عليهم الوسطية التي لا تعرف الإفراط ولا التفريط.. فقديما قال المناطقة :«كلا طرفي الخيط نقيض.. والفضيلة تأتي بين رذيلتين»... بين «الإفراط ـــ التفريط»...

موضوعات متعلقة