دورة غير عادية لمجلس الجامعة العربية بشأن غزة.. غدا مدرب الإسماعيلي: نسعى لاستعادة نغمة الانتصارات.. ولست قلقا بشأن مستقبل الفريق المواطن خط أحمر.. وزير التنمية: الرئيس السيسي شدد على حقوق المواطنين بقانون التصالح الجديد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية يبحث الوضع في جنوب لبنان مع مسئول عسكري بريطاني عمرو أديب يقارن بين رغيفي خبز بـ2 جنيه في المعادي ومصر الجديدة: إحنا اللي اخترعنا النصب في العيش شعبة السيارات تحذر من ظاهرة المستهلك التاجر: تسبب زيادة الأسعار والتهرب من ‏الضرائب وزير الصحة أمام البرلمان: مصر تُعالج كل مرضى الغسيل الكلوي مجانا وعددهم نحو 60 ألفا وزيرة التضامن الاجتماعي بمهرجان أسوان: نستخدم السينما كوسيلة للتغيير زيارتان استثنائيتان لجميع النزلاء بمراكز الإصلاح والتأهيل مهرجان القاهرة السينمائى يعلن موعد دورته الـ45 النواب توافق على تأسيس وإنشاء شركات تأمين أجنبية داخل مصر زراعة البرلمان تتهم الحكومة بإهدار المال العام بسبب معمل بحوث صحة الحيوان بالدقهلية
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

سماء عربية

غسان كنفانى والأدب الفلسطينى المقاوم

حين يقدم الكاتب الصهيونى رواية أو قصة عن إسرائيل، يواجه واقعًا مزدوجًا لا مناص من حل إشكالاته، تبرير أعمال العنف، التى هدفت إلى طرد العرب من ناحية، وتبرير فكرة إنشاء إسرائيل من ناحية أخرى، وفى المقابل فإن أدب المقاومة العربى فى الأرض المحتلة يصبح فى ميدان أقل قيودًا وأكثر التزامًا، لا يحتاج إلى افتعال مبرر لحمل الفلسطينى السلاح دفاعًا عن قضيته وأرضه، فأدب المقاومة لا يتساءل، ويعرف طريقه جيدًا، ولا يتطرق إليه الوهن، ويحارب على جبهتين عامدًا أو غير عامد، جبهة التوعية والتعبئة، وجبهة الرد على الأدب الصهيونى.

فالمقاومة ثمرة لشجرة طيبة، جذورها ضاربة فى الأرض وأوراقها سامقة فى سماء الكفاح، وإذا كان التحرير ينبع من فوهة البندقية، فإن البندقية ذاتها تنبع من إرادة التحرير، وإرادة التحرير ليست سوى النتاج الطبيعى والمنطقى والحتمى للمقاومة، بمعناها الواسع المقاومة على صعيد الرفض، وعلى صعيد التمسك الصلب بالجذور والمواقف، ومثل هذا النوع من المقاومة يتخذ شكله الرائد فى العمل السياسى والعمل الثقافى، ويشكل هذان العملان المترافقان اللذان يكمل واحدهما الآخر، الأرض الخصبة التى تستولد المقاومة المسلحة وتحضنها وتضمن استمرار مسيرتها وتحيطها بالضمانات. 

       ومن هنا فإن الشكلَ الثقافى فى المقاومةِ، لا يقل فى قيمته عن المقاومة المسلحة نفسها، وبالتالى فإن رصدها واستقصائها وكشف أعماقها تظل ضرورة لا غنى عنها، لفهم الأرض التى ترتكز عليها بنادقُ الكفاحِ المسلح.

        وفى كتابه "الأدب الفلسطينى المقاوم" يعرض الكاتب الفلسطينى غسان كنفانى عبر أبواب ثلاثة دراسة تحليلية - تعد أول دراسة معمقة تظهر فى المكتبة العربية عن هذا الموضوع المهم - الوضع الثقافى لعرب فلسطين المحتلة، والأوضاع البالغة القسوة التى عاشها الأدب الفلسطينى المقاوم، منذ سنة 1948م وحتى سنة 1968م، إذ أصبح الأديب الفلسطينى فى ظل ظروف الاحتلال مناضلًا بقلمه وفكره، فالقضية تحتاج لكل صنوف المقاومة، وقد نجح النضال الأدبى بجدارة فى إقلاق إسرائيل وإزعاجها، فجعلت أدباء المقاومة فى قائمتها السوداء.  

يتناول القسم الأول من الكتاب ظروف عرب إسرائيل ثقافيًا، فى ظل الإستراتيجية الممنهجة لإسرائيل للقضاء على هذه الثقافة، وفى القسم الثانى تكلم المؤلف عن أبعاد أدب المقاومة الفلسطينية ومواقفه، وفى القسم الثالث عرض غسان كنفانى مجموعة من أشعار المقاومة، ونماذج من القصة القصيرة والمسرحية لمجموعة من الأدباء الفلسطينين، فأورد قصائد لسميح القاسم ومحمود درويش وفوزى الأسمر وحنا أبو حنا وراشد حسين ونزيه خير وتوفيق زياد ومحمود دسوقى.. وفى القصة أورد لوحة "وأخيرًا نور اللوز" التى هى جزء من سداسية الأيام الستة، وكانت نشرت آنذاك باسم "أبوسلام" حيث لم يكن مؤلفها الروائى الراحل إميل حبيبى قد أفصح عن اسمه الحقيقى، وفى المسرحية نقل كنفانى النص الكامل لمسرحية "بيت الجنون" لتوفيق فياض؛ مسرحية من فصلين بشخصية واحدة.

ويعد الكتاب تحليلًا لأبعاد أدب المقاومة فى ظل الظروف الاجتماعية والوطنية والإنسانية، وكشفًا لواقع المثقفين فى فلسطين، فى ظل التقييد الصهيونى على حياتهم أولًا وعلى إنتاجهم الأدبى ثانيًا، ولهذا يمثل أدب السجون صرخة المثقف الفلسطينى فى وجه سجانه ومحتل أرضه، الذى فشل فى سجن أفكار المثقف الملتحم بثورة شعبه المقاوم، وعرضًا للوضع الثقافى العام لعرب فلسطين المحتلة، ورفضًا للوضع الاقتصادى المتردى الذى يعيشه العربى فى بلاده المحتلة، فضلًا عن الوجود الواضح للقضايا القومية العربية، وحتى العالمية فى هذا الأدب الذى لم يغفل فى لحظة عن العالم الخارجى.

 لقد كان النتاج الأدبى لغسان كنفانى المولود فى عكا عام 1936م متفاعلًا دائمًا كروائى وقاصٍ وصحفى، مع حياته وحياة مواطنيه، وفى كل ما كتب كان يصور واقعًا عاشه أو تأثر به، وجاءت كتابات معبرة بشكل أساسى عن قضايا التحرر الفلسطينى، إذ أجبر وعائلته عام 1948 من على النزوح من وطنه، فعاش فى سوريا ثم فى لبنان إذ حصل على الجنسية اللبنانية، وانضم إلى حركة القوميين العرب، وعمل فى الكويت فى التدريس، ثم عاد إلى بيروت للعمل فى مجلة الحرية 1961م، التى كانت تنطق باسم الحركة مسؤولًا عن القسم الثقافى فيها، ثم أصبح رئيس تحرير جريدة "المحرر" اللبنانية، وأصدر فيها "ملحق فلسطين"، ومنها انتقل إلى جريدة الأنوار اللبنانية، وحين تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1967م، وانضم إلى عضوية مكتبها السياسى، وقام بتأسيس مجلة ناطقة باسمها حملت اسم "مجلة الهدف "ترأس تحريرها، كما أصبح ناطقًا رسميًا باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.. واغتالت المخابرات الإسرائيلية غسان كنفانى عام 1972م، منهية حياة من النضال والكفاح عن عمر لا يتجاوز 36 عامًا، بتفجير سيارته فى منطقة الحازمية قرب بيروت