أمريكا و«الفجوة الصاروخية».. سباق مع الزمن لسد الثغرات

في اثني عشر يومًا فقط من الحرب بين إسرائيل وإيران، استهلكت الولايات المتحدة ربع مخزونها من صواريخ «ثاد» الاعتراضية، في رقم «صادم» كشف حجم الفجوة بين ما تملكه واشنطن من أنظمة دفاعية وما قد تحتاجه في أي مواجهة طويلة الأمد مع خصم أكثر قدرة.
فجوة، قالت عنها صحيفة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية، إنه إذا كان نزيف الذخائر بهذا الحجم قد فُرض في معركة محدودة دعمت فيها أمريكا حليفًا محصنًا بشبكة دفاعات متعددة الطبقات، فكيف سيكون الحال حين تُختبر هذه الدفاعات في صراع مباشر على جبهة تايوان؟
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن حرب الاثني عشر يومًا التي اندلعت هذا الصيف بين إسرائيل وإيران كشفت ما كان ينبغي على واشنطن أن تدركه منذ زمن: أن بنية الدفاع الجوي والصاروخي للجيش الأمريكي ليست جاهزة لخوض معركة طويلة ضد عدوٍّ قادر.
ورغم أن إسرائيل «أضعفت» قدرة إيران على إطلاق الصواريخ بشكل كبير من خلال تدمير العديد من منصات إطلاقها بشكل منهجي، إلا أنه مع ذلك، استهلكت الولايات المتحدة ما يقرب من 25% من إجمالي عدد أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي عالي الارتفاع (ثاد) المضادة للصواريخ الباليستية خلال تلك الحرب القصيرة.
استنزاف صاروخي
فخلال اثني عشر يومًا من القتال بين إسرائيل وإيران، أُطلق أكثر من 150 صاروخًا اعتراضيًا من طراز ثاد على صواريخ باليستية إيرانية أكثر تطورًا، ما يزيد عن ثلاثة أضعاف متوسط المشتريات السنوية البالغ حوالي 40 صاروخًا اعتراضيًا منذ عام 2010.
وبتكلفة 15.5 مليون دولار للصاروخ الاعتراضي الواحد، يضع هذا القوات المسلحة في مسار غير مستدام. وحتى لو زاد «البنتاغون» طلباته الحالية عن العدد الضئيل البالغ 12 صاروخًا والممول في ميزانية 2025، فسيظل الأمر يستغرق ثلاث سنوات بين تاريخ منح العقد وتاريخ تسليم الصواريخ الاعتراضية.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الولايات المتحدة استخدمت جزءًا كبيرًا من مخزوناتها من الصواريخ الاعتراضية للدفاع عن إسرائيل، التي تمتلك منظومات دفاع جوي وصاروخي متعددة الطبقات، من إيران.
ولا يقتصر الأمر على محدودية مخزونات الذخائر الأمريكية، بل إن وسائل إيصالها تتناقص أيضًا مع استمرار تقلص حجم أساطيلنا من السفن الحربية السطحية والطائرات المقاتلة والقاذفات.
واستخدم سلاح الجو الأمريكي ما يقرب من نصف أسطوله من طائرات بي-2 الشبحية لضرب الموقع النووي الإيراني في فوردو في عملية «مطرقة منتصف الليل».
وحذرت من أن منصات أمريكا الهجومية محدودة، وحمايتها من هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة أمرٌ بالغ الأهمية لـ«دحر أي عدوان بنجاح».
وبينما قد يبدو من الغريب إطلاق صاروخ اعتراضي بمليون دولار لهزيمة طائرة مسيّرة بألف دولار، فمن المنطقي إطلاق أكبر عدد ممكن من الصواريخ الاعتراضية للدفاع عن سفينة بمليارات الدولارات ضد تلك الطائرة المسيّرة.
وحذرت من أنه إذا استطاع الإيرانيون استنفاد 25% من مخزونات نظام ثاد الأمريكي وجزء كبير من مخازن صواريخ إس إم-3 خلال أيام قليلة، فإن دولة بحجم الصين قادرة على استنفادها في غضون ساعات قليلة.
الحل الأمثل
وطالبت بالاستفادة من الابتكار التكنولوجي، مشيرة إلى أنه على واشنطن بذل المزيد من الجهود للاستفادة من هذه الميزة لتطوير أنظمة اعتراضية ودفاعات غير حركية مبتكرة، مصممة منذ البداية لإنتاج آلاف منها سنويًا.
لكنّ الانتقال إلى أنظمة دفاع صاروخي أكثر إنتاجًا بكميات كبيرة لن يحدث بين عشية وضحاها، ولا ينبغي لصانعي السياسات اعتباره خيارًا بين خيارين.
ويمكن للجيش الأمريكي تجاوز هذا التحول من خلال تبني نهج هجين، على غرار قوة الفضاء وبناء أنظمة متطورة من الجيل التالي، مع إطلاق جهود متعددة لتطوير أنظمة أقل تكلفة وأكثر انتشارًا مع شركات جديدة.
وأشارت إلى أن مزيجا من القدرات، سيؤدي مع مرور الوقت، إلى تعزيز المخزونات مع تعزيز وتوسيع القاعدة الصناعية الدفاعية.
ومع تدفق الأموال المخصصة للقبة الذهبية، يمتلك البنتاغون الموارد اللازمة لاتباع نهج هجين للدفاع الصاروخي، تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أنه بالتوازي مع ذلك، انشغل الجيش باستثمار مليارات الدولارات في خطوط إنتاج ذخائر جديدة، وإضافة قدرات جديدة ومرونة لسلاسل توريده في جميع أنحاء البلاد، فضلا عن «توسيع وتحديث المرافق القائمة لزيادة السرعة والمرونة والقدرة الإنتاجية».
وأكدت «ناشيونال إنترست»، إن إعادة إحياء القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية جارية، إلا أن التراجع المُدار الذي استمر لعقود سيتطلب مزيدًا من التمويل والوقت لعكس مساره بالكامل.