رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي مقال رئيس التحرير

إنه عمر ..... وما أدراك ما عمر ؟؟!! - بقلم الهام شرشر

الهام شرشر
الهام شرشر

الزمان يعيد نفسه .. فما أشبه الليلة بالبارحة .. حين كان لا يزال بدء الخليقة .. وجنوح الإنسان إلى الفوضى .. وميله إلى عيش الغاب … تلك الحياة التي تتسم بالهمجية .. البقاء فيها للأقوي .. القوي يأكل الضعيف ..

لا مجال فيها لمبدأ .. ولا مكان فيها لقيمة … ولا معني فيها لحياة .. حياة إنسانية في أبسط صورها ..

وإن كان هذه حقيقة .. وإن كان ذلك واقعا .. ورغم ألمه إلا أنه يتولد معه ومن بين ثنايا الألم .. لتكون ومضة نور .. ذلك الشعاع البسيط الذي يُبني معه الحلم …

فمهما كان من الغمامة والسواد .. إلا أنه هناك الأمل ... فما كان أقسى ولا أشد على البشرية .. مما كانت عليه في الماضي السحيق .. ليتبدل حال الانسانية بعدها … لتشق الطريق إلي النور .. رغم شدة الظلام .. ظلام النفوس ..قبل ظلام العقول … وما أحلى أن يكون المرء في حياته …. ذلك النور … الذي قد يكون نور الإيمان .. وقد يكون العلم .. وقد يكون المعرفة .. وخيرهم حين يكون الدين … الذي يجتمع فيه كل سمات الوجود الحقيقي … الحياة السليمة غير المزيفة .. الذي يجمع عليها الناس مهما تعاقبت الأجيال ومر من العصور والدهور …

تبدلت الأرض .. وتبدل الناس … وتعاقب البشر … وتعددت السنن الآلهية .. سنن التمكين ثم النصر .. والإعمار .. والاستخلاف … وكذلك سنن الاختلاف …

ليكون من بينها تلك الطاقة الجبارة التي تتوج كل هذه السنن .. وهي سنة التدافع … التي تفسر الكثير من الظواهر الإنسانية التي طرأت على الوجود عبر تاريخه الطويل …

وهناك فرق بين التدافع والصراع … فالحكمة الالهية … اقتضت أن يسير الكون نحو التدافع … الذي يعني في أبسط معانيه أن الانسان تتحرك فيه النوازع … لتحقيق مصالحه التي يراها خيرا له .. بدفع كل ما يظن أنه شرا له … « ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت بيع وصلوات ومساكن يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز » سورة الاعراف ..

أما الصراع فتتحكم فيه نوازع الشر .. ودوافع الغلبة … والشعور بالسيطرة … وزهو الانتصار .. وقوام الانتقام والأنانية … الذي يكون أساس الصراع فيه .. هو صعود البعض … بكل شراسة ولو كان على حساب وجود الآخرين شكلا وموضوعا …

وحين نراقب الكون من حولنا .. وتغير الأحوال أمامنا .. نحاول أن نستند أو نتمسك بخيط .. يكون السند .. في مواجهة تلك التحولات .. استدعاء الأمل .. أمام هول تغير الأحوال البشرية والإنسانية إلى ذلك النقيض من آن لآخر …

تارة للحنو على أنفسنا من قسوة وحدة تلك التغيرات التي تضيع معها معالم الإنسانية ..

تارة آخرى بالقسوة على أنفسنا بأيدينا .. فلا مجال للضعف .. لا مجال للتقهقر .. لا مجال للاستسلام …

بل ويكون الرضا ببعض تلك الآلام … إنما بسبب ما ترسخ في النفس من أمل أعظم من تلك اللحظة الراهنة الواهنة الراحلة … رغم شدة قسوتها .. ليكون سببا في الصبر ... على ذلك الابتلاء ....

وما أجمل أن يكون سنة المؤمن الله ورسوله «صلى الله عليه وسلم » .. خاصة حين يكون هدفه .. وقلمه ..وحياته.. وروحه .. لله ورسوله «صلى الله عليه وسلم » ..

لتكون رحمة الله سبحانه وتعالى .. وكأنها في الوقت نفسه رحمة بذلك المؤمن … يساعده .. يقويه .. يدعمه … يفتح له الطريق .. ويرسم الأمل .. كي يحقق له النصر …

يواسينا ويخفف عنا معاناتنا وفي الوقت نفسه يقوينا .. ويعزز من عزيمتنا … ويدعم صبرنا … ما حدث من البشر المخلوقين .. الضعاف مع الخالق نفسه سبحانه وتعالى …

ذلك البشر من لدن آدم مرورا بسيدنا نوح ... «ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون» سورة هود ....

ثم أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم «عليه السلام» .... «قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين» سورة الأنبياء .....

ثم كليم الله سيدنا موسى «عليه السلام» .... «وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً»

ثم سيدنا عيسى «عليه السلام» ..... «وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ» .....

ثم سيد الخلق ..خاتم الانبياء سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم » … «كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ»

فإذا كان هولاء هم أولوا العزم .. فلا يمكن أن ننسى آخرين من الرسل و الأنبياء .. الذين أثروا الحياة الدنيا بتعاليم السماء … وكانوا يدا بيضاء أخذت الناس إلى طريق الحق والهداية .. وأرشدتهم إلى النور .. نور الرســالات في هدي السماء إلى الأرض …

ليكون الدافع الأعظم في أمل المؤمن .. جهاد النفس .. نفسه أولا .. ثم مساعدة الآخرين أن يشاركوه في ذلك الجهاد الأعظم …

ويحضرني في هذا المقام … ما كان من آخر الأنبياء والمرسلين … مصطفى البشرية أجمعين .. النبي محمد «صلى الله عليه وسلم » … ليوم الدين … حين يظل يصلي داخل الكعبة … ومنذ بداية الدعوة حتى عام الفتح في السنة الثامنة من الهجرة … وكان يحيطه في الكعبة ٣٦٥ صنما .. على الرغم من كونه كان قادرا «صلى الله عليه وسلم » … على تطهيرها من الأصنام .. إلا أنه طهرها بعد ثمانية عشر عاما .. بعد عمرته الرابعة والتي كانت في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة …

حيث كان يشير في عصا في يده على تلك الأصنام فتتهادى وتتساقط مدمرة .. ببركة إشارته ... وهو يقول : « وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا » … تلك العصا التي من فضل الله تعالى على مصر .. أن يوجد جزء منها في مسجد مولانا الإمام الحسين بالقاهرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه …

عزيزي القارئ …

إذن هل لنا أن نعتبر أنفسنا لا نزال في بداية الدعوة .. لما وصلنا إليه من شعور غريب أليم جانح جامح بالغربة على أرض الدنيا…

بدأ الإسلام غريبا .. وسيعود غريبا .. «فطوبى للغرباء» .. صدق رسول الله «صلى الله عليه وسلم » …

نعم !!!… بدأت غربة الدنيا تتضح من جديد لغربة الإسلام والمسلمين .. بحق فيها …

فالإسلام كان شبكة الأمان للإنسانية كلها التي امتدت إلى الدنيا بإسرها .. فحين حاولوا المساس به و العبث فيه … كان التعريض بالبشرية جمعاء …

ولا أدري .. لماذا لا نحييه نحن ؟؟!!!!!…. فكيف لنا أن نكون أول الأمم التي تدخل الجنة … ولا نكون المسئولين عن حقوق الله على الأرض ؟؟؟!!!.. بكل أشكالها .. وصولا لمقدساتها ؟؟!!!! ….

أبسط البسيط .. ونحن قد ختمنا أيام الرحمة!!!! .. التي طلبنا فيها الرحمة من الرحمن الرحيم!!!! … هل تذكرنا الرحمة في أبسط صورها .. التي نحن جزء منها ؟؟؟؟؟!!!!…

فلتكن رحمة الآباء بالأبناء.. خاصة الذين لا يزالون ضعافا ولم يبلغوا القوة من بعد.. فإن الرحمة هي التي سوف تبث في قلوبهم الرحمة.. ليشبوا عن طوقهم رحماء فيما بينهم.. وفي ذلك ثواب من رب الرحمة لمن يبثوها في أبنائهم ولم يضنوا عليها إما جهلا.. أو حرمانا.. ولو كان فاقدا لذلك الشئ.. فعليه أن يعطيه.. لأنها أمانة .. ليكون في ذلك العطاء تعويضا عن الحرمان الذي كان ...

هل راجعنا أنفسنا في العشرة أيام الماضية قبل أن نطلب الرحمة من الرحمن ... فرحمنا أخوة دم لنا ... أو أخوة دين بيننا ... أو زملاء عمل .. أو جيران .. أو عاملين بالأجر داخل البيوت .. أو من يبحثون عن رزقهم في الشوارع .. هل رحمنا الحيوانات من حولنا .. أو أخذتنا الرحمة في علاجهم أو في مداواتهم ... حتى يكون لنا الحق أن نرفع أكف الدعاء برحمة الرحمن الرحيم !!!!!!!!....

ولقد كانت أشد لحظات الرحمة في أقسي لحظات ألمه «صلي الله عليه وسلم».. حين ودع ابنه «إبراهيم عليه السلام»…. كما كان يقول «البخاري».. مثلما كان يقول أيضا علي مولانا الحسين والحسن والسيدة خديجة والسيدة عائشة «عليهم السلام »_ وكان إبراهيم يجود بنفسه _ أي يموت في سكرات الموت _ فأخذه النبي وقبله وشمه... فجعلت عينا رسول الله تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف... وأنت يا رسول الله.. فقال: يا ابن عوف إنها رحمة... ثم اتبعها ببكاء مرير آخر... فقال: إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا... وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون...

ناهيك عن رحمته حتي في صلاته بين يدي الله... إماما بالناس رحمة بأم وطفل رضيع.. فقال: «إني لأقوم في الصلاة... أريد أن أطيل فيها... فأسمع بكاء الصبي... فأتخفف في صلاتي (أقصر) كراهية أن أشق علي أمه..

بل بلغ من رحمته صلي الله عليه وسلم... حين كانوا يقولون له: أدع علي المشركين فيقول لهم: إني لم أبعث لعانا... وإنما بعثت رحمة

ورحمته صلي الله عليه وسلم بأصحابه... تتمثل ساعة أن اشتكي سعد بن عبادة... فأتاه النبي ليزوره... ومعه بعض أصحابه.. فسأل عنه: فقالوا: قد قضي.. فبكي النبي.. فلما رأي القوم بكاء النبي بكوا.. فقال صلي الله عليه وسلم: «ألا تسمعون.. إن الله لا يعذب بدمع العين... ولا بحزن القلب... ولكن يعذب بهذا... وأشار بلسانه»... وهذا يعني عدم التعليق باللسان مهما كانت جراح القلب علي قضاء الله بأي كلمة اعتراض تكون سببا في عذاب ذلك الشخص الذي يندب المتوفي... وهكذا طبعا في أي بلاء... فالاعتراض وخاصة باللسان يكون سر سبب شدة بلاء المعترض ...

يا حبيبي يا رسول الله.. لم تنس رحمتك من يستحقها أو وصايتك عليه بها... الأم... فلما ماتت السيدة آمنة وكان يبلغ من العمر 6 سنوات... كانت تجذبه إليها... ولكن الموت يجذبها إليه... في آخر كلمة قالتها يا محمد... كن رجلا... وجادت بنفسها... فكانت أم أيمن حاضنة رسول الله... فبكي وقال: أنت أمي بعد أمي..

كم كان رحيما بأي أم حوله... مشفقا عليها... يري فيها أمه التي لم يهنأ ويشبع من حبها وضمته لحنان صدرها... كان يبحث عنها في كل أم حوله... حيث كانت تشمل رحمته الأمهات من حوله جميعا ومنهم السيدة فاطمة بنت أسد أم الإمام علي بن أبي طالب - وجدة الإمام الحسين _ فحين ماتت وقد بلغ من العمر ما فوق الخامسة والخمسين من عمره.. قال كفنوها... وصلي عليها... ونزل في قبرها... وتمرغ فيه بجسده الشريف... تقلب فيه... وترك رداءه... فحين سئل عن ذلك قال: أما تقلبي في قبرها... ليقيها ضمة القبر _ اللهم اكفنا إياها وأما ردائي... ليقيها عذاب القبر...

صلي عليك مليك السماء... يا رحيم الطفل... يا رحيم الأم... يا رحيم الزوجة... حين قلت في قولك الأخير في وداع الدنيا في حجة الوداع... «رفقا بالقوارير»... فهل نلتزم بالوصية؟... ونترفق بالقوارير؟ الله ورسوله أعلم...

وحتي الكفار... كان القلب الرحيم قبل العقاب الأليم... حيث قال لهم وهم في قبضة يده... «ما تظنون إني فاعل بكم.. قالوا: خيرا.. أخ كريم وابن أخ كريم... فكانت رحمته عامة... قال: اذهبوا ... فأنتم الطلقاء...

بل كان يخاف عليهم... ويبخع نفسه «لعلك باخع نفسك علي آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا » ... سورة الكهف... وكان يدعو لهم ويقول: «اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون»..

وما بين حزني على رسول الله «صلي الله عليه وسلم» حزني على رحمته التي كانت … والتي أبحث عنها بين أبناء ونساء وأتباع أمته ؟ ....

وما بين حزني على ديني ؟!!!!… وما بين حزني على وطني وكل الأوطان العربية المسلمة ؟؟!!!!….

لا يسعني إلا أن أقوم قوية!!!! .. من قوة الله!!!!! .... لأن ذلك هو حال الدنيا .. دنيا الباطل !!!..... دنيا الشقاء!!! .. دنيا العمل!! …

ليتجدد العزم بداخلي .. وأنا أفتح أبواب للخلق من حولي .. لأنه طالما الله موجودا .. فالأمل أبدا لن ينتهي … والعزم لن يتوقف … والعطاء لن ينضب تأسيا بالصحابة الكرام الذين استمروا في الحياة بعد رحيل الحبيب.. الصاحب.. القائد.. الشفيع.. الهادي البشير.. النور.. والسراج المنير ..«صلي الله عليه وسلم»..

فلن نزيد على الأنبياء ولا على المرسلين .. الذين كانوا يحاولون دائما أن ينتشلوا البشرية من السقوط ... وسط كثير من الضلال و الكفر والظلمات ...

فلنعتبر أنفسنا عدنا إلى الجاهلية الأولى من جديد .. نتأسى فيها بالرسل والأنبياء .. نتوج عملنا فيها بقدوتنا رسول الله .. والقرآن منهجنا ... و الجنة سبيلنا ..

بكل القوة .. وعظيم الكبرياء .. نرفع رؤوسنا فترتفع قامتنا كما هي والحمد لله .. نعلي صوتنا .. ونحن نذهب ....

إلــى عمـــــر !!!… إلــى القــوة .. إلــى التمـــاسك … إلــى حــب الله عنده … ومكانة الرسول في قلبه .. ونصــرته للإسلام … في روحــه وعقــله ….

إلـــي عمـــــررررررررر !!!!!….

كم كان الفاروق العادل محبا للإسلام…. ورسول الاسلام … «صلي الله عليه وسلم» .. كم كان محبا لله عز وجل .. وقدر حبه لله .. قدر ما كان يفتح عليه فتوحات عظيمة .. كانت تتوافق مع الوحي …

نعم … حينما توافق مع الفطرة ….. حينما اتفق مع دين الله والعقيدة السمحة .. هذا يعني ان شخصيته كانت تلك الشخصية السوية القوية ..ثابتة البنيان .. متزنة الأركان .. التي حين ملأها نور الإيمان ما كانت الا صدى صادقا أمينا لرسالة الاسلام حتى أنه يتوافق مع اخر رسالات هدي السماء إلى الأرض ..

في كثير من المواضع الهامة التي لا يمكن ان تخرج عن مؤمن كيس فطن .. أحب الله وأخلص له إخلاصا عظيما .. كان عمر «رضي الله عنه» يسأل رسول الله «صلي الله عليه وسلم» في كل شيئ حتى أنه كان يستمع للصحابة في أي تفسيرات لأي من الآيات فاته أن يكون موجودا فيها بصحبة رسول الله «صلي الله عليه وسلم» .. ليضرب بذلك مثلا رائعا لطلاب العلم و المعرفة … أن عليهم السعي … فالعلم نسير بالاميال لانه لن يأتي وحده ولا في الخيال …

حتى أن يعلى بن أمية قال سألت عمر بن الخطاب ، قلت : «فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا » سورة النساء ..

وقد آمن الله الناس .. فقال لي عمر : عجب مما عجبت منه .. فسأل رسول الله «صلي الله عليه وسلم» على ذلك .. فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته .. »

قال عمر رضي الله عنه يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيم ترون هذه الآية نزلت أيود « أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون » سورة البقرة …

قالوا الله أعلم فغضب عمر فقال : قولوا نعلم أو لا نعلم فقال : ابن عباس في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين قال عمر : يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل قال: عمر أي عمل قال ابن عباس : لعمل قال : عمر لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله

وفي رواية قال ابن عباس : عني بها العمل .. أن آدم أفقر ما يكون إلى جنته إذا أكبر سنه وكثر عياله .. وابن آدم أفقر ما يكون إلى عمله يوم البعث … فقال عمر : صدقت يا أخي …

وكانت له بعض التعليقات على بعض الآيات … مثل قوله تعالى : « وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون» سورة البقرة

فقال : نعم العدلان ... ونعم العلاوة .. ويقصد بالعدلين : الصلاة والرحمة .. والعلاوة الاهتداء ….

كم كان بليغا حصيفا ... لتكون الصلاة عنده ميزان العبد في الدنيا قبل الاخرة .... والرحمة هي الوجه الآخر للصلاة ... لأنه كيف صلاة دون أن يكون صداها الرحمة .. ومعنى وجود الرحمة .. إذا خشوع ورهبة الصلاة .. ومعناها الإيماني الإنساني العظيم ...

كان عمر «رضي الله تعالى عنه » مكيا .. ولكنه كان ممن تعلموا القراءة والكتابة ... في مجتمعهم الأمي .. وهذا دليل على شغفه بالعلم منذ صغره ..

وهذا إن دل إنما يدل على إعتزازه بنفسه .. وحرصه على تبوءه مكانة عالية بين قومه ... حيث أن قوامها آنذاك المعرفة .. والمعرفة آنذاك هي إتقان القراءة والكتابة ...

وقد تعلم عمر بن الخطاب القراءة و الكتابة على يد «حرب بن أمية والد أبو سفيان » .. مما دعا إليه الاعتماد على نفسه في تثقيف نفسه بنفسه ...

مما ساعد عمر بعد إسلامه .. حين ملازمته لرسول الله «صلي الله عليه وسلم» ... في المدينة بعد ذلك .. حيث كان تلميذا نجيبا في ملفات مدرسة النبوة .. في شتى ألوان المعارف والعلوم ..

حيث أن الينبوع الاساسي المتدفق .. الذي استخدمه عمر تربيته وثقافته.. كان كتاب الله الحكيم ... الذي كان ينزل على رسول «صلي الله عليه وسلم» .. حيا ... ليكون له أعظم الأثر والتأثير ليس على عمر وحده فقط وهم يعايشون الوحي بكل الصحابة جميعا ...

ولقد تأثرت شخصية عمر بن الخطاب كثيرا بشخصية رسول الله .. حيث كانت شخصية رسول الله هي المحرك الأول للإسلام ..

فقد «صنعه الله على عينه » وجعله أكمل صورة للبشر في تاريخ الأرض ...

فكان عنده «صلي الله عليه وسلم» ... العقيدة السمحة .. وكذلك ملتقى الوحي من الله .. ومبلغه إلى الناس ...

التقى عمر ... وكذلك الصحابة حول رسول الله «صلي الله عليه وسلم» ليكون مفتاح التربية الإسلامية لهم .. ليكون ركيزتها .. الحب .. أحبوا الله .. أحبوا الرسول .. فأحبهم الله فأحبهم الرسول ..

فكان نبعا صافيا .. وقلبا مخلصا .. ولسانا صادقا .. عن رسول الله «صلي الله عليه وسلم» ...

وقد حرص الفاروق العادل على التبحر والتوغل من الهدي النبوي الكريم في غزواته .. وسلمه ... وكل جوانب حياة الرسول «صلي الله عليه وسلم»...

حتى أنه «صلي الله عليه وسلم» قال فيه : « بينما أنا نائم إذ أتيت بقدح لبن فشربت منه ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا : فما أولته يا رسول الله قال : العلم .. »

قال ابن حجر : والمراد بالعلم هنا : العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسول الله «صلي الله عليه وسلم» ..

أمـــة الإســـــــلام ....

إنه العلم ... إنها المعرفة .. التي لن تتأتي .. إلا لمن كان راسخ القدم في فهم كتاب الله وسنة نبيه ... ولن يكون إلا في التعمق والتبحر في علوم اللغة و آدابها ..

أمــــة الإســــلام....

نعود ونقول: ... الحب !!!! ... قبل المعرفة .. الحب الذي نلبس معه ثوب القرآن حين نحبه ... الحب الذي نكتسي منه بكساء السنة النبوية الشريفة حين نحبها ...

فإذا كان القرآن من الله عز وجل .. دستور الحياة .. منذ بدء الخليقة .. وحتى فنائها ... فأية علوم بعدها نستقي منها ذلك العلم وتلك المعرفة !!!!... وكم تساوي ؟؟!!!!...

وإذا كانت السنة الشريفة ... من أصفى البشر الذي سٌجل اسمه على العرش ... الذي ما كان السماوات و الأرض إلا لأجله ... والذي لم ينطق عن الهوى ... إن هو إلا وحي يوحي ... علمه شديد القوى ... فأية دقائق .. وحياة إنسانية .. أمينة .. رحيمة ..رؤوفة ..عادلة .. سليمة بكل تفاصيلها تلك التي تكون ؟؟!!!!! بعد سيرة رسول الله «صلي الله عليه وسلم»

لقد خرج الحب من بين حنايا قلب ابن الخطاب ... ليغلف به رسول الله «صلي الله عليه وسلم» مشاركا في شرف غزوات سيدنا النبي ...

ليأخذ منها العبرة و العظة تارة وتارة آخرى ... ليدلوا بدلوه الذي كان نتاجا لثمار القرآن والسنة وحب الله ورسوله ...

حتى أنه حين شارك رسول الله «صلي الله عليه وسلم» في غزوة بدر .... عندما استشار رسول الله «صلي الله عليه وسلم» .. أصحابه قبل المعركة .. تكلم أبو بكر رضي الله عنه .. تكلم فأحسن الكلام ... ودعا إلى قتال الكافرين ... ثم الفاروق عمر رضي الله عنه .. تكلم أيضا أحسن الكلام ... ودعا إلى قتال الكافرين ... وكان أول شهيد من المسلمين يوم بدر .. مهجج مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ...

أما عمر فقد قتل خالد العاصي بن هشان .. حيث أن عمر أطاح بالقرابة .. أمام رباطة جأشه في العقيدة .. بل كان يفخر بذلك لما فيه تأكيد للعقيدة ..

إلا أنه .. بعد إنهاء المعركة .. أشار بقتل أساري المشركين .. ليكون في تلك الحادثة .. دروس وعبر .. قد أشرنا إليها الحلقة السابقة ... حيث توافق معه الوحي ...

وحين جاء عمير بن وهب إلى المدينة قبل إسلامه وفي اعقاب بدر كان يريد قتل رسول الله «صلى الله عليه وسلم» ....فإذا بعمر بن الخطاب رأي عمير بن وهب فقال عمر بن الخطاب : هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب ... ما جاء إلا لشر ... ثم دخل على رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فقال: يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوحشا سيفه .. فقال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» :ادخله علي ..... فخرج عمر وامسك عمير وأخذ منه سيفه ...... وقال لمن معه من الانصار: ادخلو على رسول الله فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث ..... فإنه غير مأمون ....

فا دخل عمر بن الخطاب بعمير بن وهب الي رسول الله .... فقال عمير بن وهب : انعموا صباحا ... وكانت تحية أهل الجاهليه بينهم .. فقال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» : «اكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير» ....

فقال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» : ما جاء بك يا عمير .. قال جئت لهذا الاسير الذي في ايديكم فاحسنوا فيه .... قال رسول الله : فما بال السيف في عنقك ؟!! ... فقال عمير : قبحها الله من سيوف وهل اغنت عنا شيئا .... قال رسول الله : اصدقني ما الذي جئت له .... قال : ما جئت الا لذلك... فقال رسول الله : بل قعدت انت وصفوان بن اميه في الحجر فذكرتما اصحاب القليب من قريش ... ثم قلت : «لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى اقتل محمدا .......»

قال عمير :« اشهد انك رسول الله قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء ....» ..... ثم شهده شهادة الحق فقال رسول الله : فقهوا أخاكم في دينه وعلموه القران واطلقوا اسيره ففعلوا .....

وإن دلت تلك القصة فإنها تدل على الحس الأمني الذي غير به عمر بن الخطاب «رضي الله عنه » .. حيث اعتبره شيطانا ما جاء الا لشر .. نظرا لأنه يعرف تاريخه منذ كان يؤذي المسلمين في مكة .... وكان أشد حرصا على قتالهم في بدر ..

فما كان من عمر إلا أنه أخذ تدابير الحماية لرسول «صلى الله عليه وسلم» ... حين أمسك بحمالة سيف عمير الذي في عنقه بشدة .. فأعاقه وعطله عن إمكانية استخدام سيفه للاعتداء على الرسول «صلى الله عليه وسلم» .. وأولى نفرا من الصحابة بحراسة النبي «صلى الله عليه وسلم» ...

ليكون هذا هو حال الحراسة ... حراس الوطن .. اليقظة .. الفطنة .. الانتماء .. الولاء .. فقط الأمانة .. التجرد .. وتقديم الغالي والنفيس ... في سبيل الدفاع عن الوطن ...

حيث أن هناك دورا وقائيا .. قبل الدور العلاجي الذي يمكن أن يلعبه أو يؤديه حراس الوطن ... ولا يخشوا في الله وفي أماناته على الأرض لومة لائم ...

أما في غزوة أحد ... ظهرت وتجلت صفات الفاروق العادل الجهادية .. من صدق العزيمة وعلو الهمة ... والأهم هو عدم الذلة .. مهما لاح في الأفق .. ملامح هزيمة ...

فما كان أحلاه عمر !!!!.... كان فخر الأمة عمر !!! ... كان يستحق فعلا حب الله ورسوله !!!... وحبنا حتى نلقاه !!!.... من عزته للإسلام .. وعزته لرسول الله «صلى الله عليه وسلم» التي هي عزتنا جميعا .. دين في رقابنا جميعا .. ليوم الدين ... كل قول نطق به لرسول الله «صلى الله عليه وسلم» كل خطوه خطاها نحوه «صلى الله عليه وسلم» ...

وعندما وقف أبو سفيان في نهاية المعركة ...... فَقَالَ : « أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» : لا تُجِيبُوهُ .... مَرَّتَيْنِ ...... ثُمَّ قَالَ : أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ؟ ثَلاثًا ...... فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» : لا تُجِيبُوهُ ....... ثُمَّ قَالَ : أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ؟ ثَلاثًا ....... فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» : لا تُجِيبُوهُ ....... ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ ..... فَقَالَ : أَمَّا هَؤُلاءِ فَقَدْ قُتِلُوا .... لَوْ كَانُوا فِي الأَحْيَاءِ لأَجَابُوا .

فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَفْسَهُ ....... أَنْ قَالَ : كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ..... قَدْ أَبْقَى اللَّهُ لَكَ مَا يُخْزِيكَ ....... فَقَالَ : «اعْلُ هُبَلُ ... اعْلُ هُبَلُ» . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» : أَجِيبُوهُ . قَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ . قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : أَلا لَنَا الْعُزَّى ، وَلا عُزَّى لَكُمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم»َ : أَجِيبُوهُ .... قَالُوا : مَا نَقُولُ ؟؟ قَالَ : قُولُوا : «اللَّهُ مَوْلانَا .... وَلا مَوْلَى لَكُمْ».... قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ ... وَالْحَرْبُ سِجَالٌ ... أَمَا إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلا لَمْ آمُرُ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي » ...

أعزك الله يا عمر .. أكرمك الله يا عمر .. رد عنك الله يا ابن الخطاب ...

نذكرك وسنظل ما دامت الروح في الجسد ... بالفخر ..والعزة..والقوة..والحب..وبكل الكبرياء ... قدر حبك لرسول الله «صلى الله عليه وسلم »... قدر إعزازك للإسلام ... قدر إكبارك للمسلمين ... فكم أنت فخرا وعزا للإسلام والمسلمين .. وسوطا حادا على ظهر أعداء الدين .. فأنت دائما الغائب وإن كنت دوما حاضرا ... لسان حالنا عبر الزمان .. وإلى يوم الدين ...

كان سؤال أبو سفيان عن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وأبو بكر وعمر «رضي الله عنهما » ... دلالة واضحة على اهتمام المشركين بهؤلاء دون سواهم ... بالطبع لأنهم أهل الإسلام ... قيمته وقامته ... صروحا قامت وشٌيّد عليها دولة هم أركانها ... نظام هم أعمدته ...

وفي موتهم اعتقد المشركون أنه لن يقوم للإسلام قياما بعدهم ...

وما كان يعلم أبو سفيان .. أن عدم الرد عليه .. إما تحقيرا من شأنه ... وحين زاد زادوا .. وأهانوه... وأحرقوا قلبه ...

نعم !!! ... إنها عزة الله سبحانه وتعالى لرجاله ... حتى وإن كان في الظاهر هزيمة ... ولكنه تأديب الهي .. الموقف لا ولن يخرج عن الله وحبيبه وصحابته .... حتى وإن كان في الظاهر انتصار للكفار ...

نعم!!! .. فالهزيمة هزيمة نفس ليست هزيمة جيش... قد يكون الجيش موجودا ولكنه كسورا ذليلا ..

وقد يكون أفراده قليلة .. لكن بقوة بأسها وأنفسهم وأرواحهم وثقتهم في الله وفي عقيدتهم .. هي تكون أقوى وأشد فزعا للعدو ... مهما قل عددها .. « كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله » .. سورة البقرة

لتكون أروع مواقف نبي الأمة .. نبي الإسلام .. والسلام «صلى الله عليه وسلم» .. في «غزوة بني المصطلق» .... التي حين ضرب فيها مهاجر أنصاري... وتدخل منافق .. لإشعال فتنة بينهما ... وهو «عبد الله بن أبي»... وحين حاول عمر بن الخطاب ضرب عنقه .. نهاه رسول الله على اعتبار أنه مرافق مع رسول الله.....

قائلا «صلى الله عليه وسلم» :« كيف يا عمر ؟؟!!.. إذا تحدث الناس أن محمد يقتل أصحابه ؟؟!.. ولكن أذن للمنافق بالرحيل وحده دون الجمع » ...

ليتلقي الفاروق العادل هكذا من رسول الله خير وأعظم دروس في فقه« المصالح والمفاسد » ....

ذلك الدرس الذي كم نحتاجه كثيرا حفاظا على سمعة وهيبة الوطن بأسره فما بال سمعة وهيبة كل مؤسسة على حده ..

ألا تخرج إختلافاتنا أبدا خارج نطاقنا ... وألا نسمح أبدا لأعدائنا .. أبدا لا نسمح أن يكونوا طرفا بيننا ..

في المقام الأول .... حفاظا على سمعتنا السياسية .... وما يتبعه من وحدة الصف وتوحيد الكلمة .... في ذلك البناء الذي معه يتم صد أي عدوان عن طريق أي من المنافقين .... حين النفاذ إلى هذه الثغرات ..... لإستغالها في اتساع الهوة ومساحات الخلاف بيننا ...

تمهيدا لإثارة الشقة والفرقة بيننا جميعا ... من أبناء وطن واحد.. أو دين واحد ....أو أمة واحدة ..

ونحن كيف لنا ؟؟!!!! .... كأمة واحدة.. أو أبناء وطن واحد.... أو دين واحد..... كيف لنا ؟؟!!!! ..... أن نفرط في هذه الوحدة وبلا تردد .... كيف لنا ؟؟!!!!!.... أن نضحي بتماسكنا سويا .. دون أدني حكمة أو احساس بالمسئولية ..... لما سوف يستتبعه من شق الصفوف .. وتمكين العدو من اختراق مدمر ....

كيف لنا ؟؟!!!! ... ألا ندرك أنه في ذلك إنما هو ضرب عرض الحائط .... بأمانة الوطن... أو أنه إطاحة بأمانة الأمة .. في الحفاظ على هويتها ..وقوتها ..ومكانتها... وصلابتها...

أي عدو ذلك الذي يحترمنا .... ونحن نمزق بعضنا البعض بأيدينا .. أما بالتشهير بالباطل .. وأما بالرمي بالبهتان ... وأما بقول وشهادة الزور ... وأما بالكذب .. بالشائعات المغرضة ..

يكفي معرفة العدو أخلاقنا هذه !!!! .... ليتشمت !!!... وكي يتفوق علينا حتى لو بالكذب .. أو حتى باستغلال نقاط الضعف هذه لسحقنا جميعا ....

يااا قــــوووووم !!!!! ..

أفلا تتذكرون !!!!... قول العزيز الحكيم في كتابه الكريم : « بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم »

يااا قــــوووووم !!!! ...

إن القرآن يحدثنا عن بني إسرائيل ؟؟!!!!.... بنـــي إسرائـيل ؟؟!!......

ورغم فرقتهم وشتاتهم وتشتتهم وصراعاتهم إلا أنه مواجهتهم لنا علينا أن يكونوا كتلة واحدة رغم كل ما يعج بينهم .. لأنهم يعلمون أن نصرهم في توحدهم ... وتماسكهم أمامنا ...... حتى لو بالكذب ... في لحظة راهنه ...

ونحن المفروض عندنا الدين !!!... ودعوته التسامح والاعتصام !!!...

ولكن أين الدين ؟؟؟؟!!!!!!...

لأن الدين يوحد !!!.... إذن لابد أن نعود إلى أحضان الدين طوق النجاة !!!!!.....

الدين المعاملة !! ..

الدين حين يكون تلاوة قران وصلاة وصيام ..... مجرد طقوس .... وليس واقع فعلي نعيشه؟؟!!!! .... فماذا عساي أقول!!!!!!!.... لا أدري ماذا أقول أكثر من ذلك !!!!....

ولا يسعني إلا قولا واحدا ... هو رجاء ...... هو نداء ....... .... هل يكون القرآن منهجا ؟؟!! ... هل لي أن أقول ؟؟!! علينا بأن ننفذ أحكام القرآن؟؟!!!!! ...... هل نعيش طاعاته كما أمرنا بها ؟؟!!...

هل لي أن أقول ؟؟!! ... أن نعود إلى قصص القرآن الكريم نتعظ منها ؟!!!... هل لي أن أقول؟؟!!!!... ضرورة العودة إلى سير الانبياء والصالحين ... وعلى رأسهم السيرة النبوية الشريفة .... والصحابة الكرام... ودروس الحكمة ... حتي نستطيع أن نكمل أيامنا .... ونعبر أحزاننا ... لعلنا نساعد في كشف غمتنا ... التي والله ما كانت إلا بأيدينا ... لبعدننا عن ربنا ...

نعم !!!!. نحن نصلي ونصوم دون تفعيل الصلاة والصوم وقراءة القران عملا .. وكأن ذلك شيئ وهذا شيئ آخر .. والمفروض أنهما يكملا بعضهما البعض !!!! ...

نسأل الله العفو العافية .. في الدنيا والآخرة ...

وفي الحديبية دعا رسول الله عمر ليبعثه إلى مكة ...... فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء به ...... فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشاً على نفسي ..... وليس بمكة من بني عديّ بن كعب أحد يمنعني .... وقد عرفت قريش عداوتي لها وغلظتي عليها ... ولكني أدلُّك على رجل أعزّ بها مني ...... «عثمان بن عفان» .....

فدعا رسول الله «عثمان بن عفان» ..... فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب... وأنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ...ومعظماً لحرمته......

وبعد الاتفاق على معاهدة الصلح.... وقبل تسجيل وثائقها .....ظهرت بين المسلمين معارضة شديدة وقوية لهذه الاتفاقية ... وخاصة في البندين اللذين يلتزم النبي بموجبهما بردّ ما جاء من المسلمين لاجئاً ..... ولا تلتزم قريش برد ما جاءها من المسلمين مرتداً ... والبند الذي يقضي بأن يعود المسلمون من الحديبية إلى المدينة دون أن يدخلوا مكة ذلك العام .....

وقد كان أشد الناس معارضة لهذه الاتفاقية وانتقاداً لها..... عمر بن الخطاب، وأسيد بن حضير سيد الأوس .... وسعد بن عبادة سيد الخزرج ...

وقد ذكر المؤرخون أن عمر بن الخطاب أتى رسول الله معلناً معارضته لهذه الاتفاقية وقال لرسول الله : ألست برسول الله؟؟؟!!!... قال: بلى ... قال: أولسنا بالمسلمين؟ ؟؟!!! ... قال: بلى .... قال: أوليسوا بالمشركين؟؟؟!!!... قال: بلى... قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ .... «قال إني رسول الله ولست أعصيه» ....

وفي رواية:« أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني» .... قلت أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟؟؟!!! ... قال: بلى .... فأخبرتك أنا نأتيه العام؟؟؟!!! .. قلت: لا .... قال فإنك آتيه ومطوف به ...

قال عمر: فأتيت أبا بكر فقلت له: يا أبا بكر: أليس برسول الله؟؟؟!! ... قال: بلى.... قال: أولسنا بالمسلمين؟؟؟!!! .... قال: بلى.... قال: أوليسوا بالمشركين؟؟؟!!... قال بلى.... قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟؟؟!!!....

فقال أبو بكر ناصحاً الفاروق : بأن يترك الاحتجاج والمعارضة إلزم غرزه .... فإني« أشهد أنه رسول الله» .. وأن الحق ما أمر به ... ولن نخالف أمر الله ولن يضيعه الله ...

رحمــاك ربي ... ألوذ بك يا الله ... في دنيا متدنية .. وكأن برحيل رسول الله ومن بعده صحابته .. عز علينا بالرجال .. أمثال الفاروق العادل .. إلا من رحم ربي .. كم كان عزيزا .. وأعز الإسلام حقا .. ولا يزال يعز المسلمين ولو بمواقف مهما تكن قد مرت إلا أنها دوما وستظل لها من البريق والفخر والعز ما نعوض به كثيرا من سقطات تاباع رسول الله في كل زمان ومكان ...

أي عمر ذلك الذي كان !!!!!!.. أي قوة تلك التي كانت !!!...أي رجولة تلك التي نعيش على أطلالها ... لتكون لنا نموذجا بارزا .. علينا الاحتذاء به ... والافتخار والعزة معه .. لأنه خير صورة لمعاني الرجولة والشهامة .. وياليتنا نكون كلنا عمــــر !!!!!!....

ولكن لن نكون عمر!!!!!!! ... لأننا لسنا في إيمان عمر!!!!!! ... هل نحاول أن نقتدي بإسلام عمر ؟؟؟!!!!!! ... على الأقل لأننا نحتاج إلى قوة عمر .. ولن تكون إلا بإقرار إسلام عمر .. ومحاولة التأسي به ... إن لم يكن حبا له وفخرا به .. فعلى الأقل من أجل أن نكون أهلا .. لأن نكون أحباب رسول الله « صلى الله عليه وسلم » ....

وبعد حادثة أبي جندل المؤلمة المؤثرة .... عاد الصحابة إلى تجديد المعارضة للصلح..... وذهبت مجموعة منهم إلى رسول الله ...... بينهم عمر بن الخطاب لمراجعتة ..... وإعلان معارضتهم مجدداً للصلح إلا أن النبي ...... بما أعطاه الله من صبر وحكمة وحلم وقوة حجة استطاع.... أن يقنع المعارضين بوجاهة الصلح ..... وأنه في صالح المسلمين وأنه نصر لهم .... وأن الله سيجعل للمستضعفين ... من أمثال أبي جندل فرجاً ومخرجاً .... وقد تحقق ما أخبر به ..... وقد تعلم عمر «رضي الله عنه» من رسول الله احترام المعارضة النزيهة ..... ولذلك نراه في خلافته يشجع الصحابة على إبداء الآراء السليمة التي تخدم المصلحة العامة....

يـا قــــــــوووووووم !!!!!!!!!!!!!....

إنه الرشــد ... إنه الحكمـــة ..إنه حــب الوطن الذي يعلو كل غاية ...

إنه الثقة في القائد ... الذي حين نختاره لابد وأبدا ... أن لا نشكك فيه ...

لقد دعى رسول الله «صلى الله عليه وسلم » ... إلى المشورة وحرية التعبير عن الرأي بين الصحابة ... ومثلما نرى كيف أنهم كانوا يعبرون عن رأيهم ؟؟!!!...

ولكن حين يقول القائد رأيا .. وأي قائد إنه رسول الله «صلى الله عليه وسلم » ... فعلى القوم أن يمتثلوا له ... ويذعنوا إليه ... يحترموه !!!!!!.... حتى لو كان في ظاهره شيئ لا يرضون عنه ...

مثلما حدث مع رسول الله «صلى الله عليه وسلم » .. فإنه كان أمر آلهي ... وهذا يعني تأييد عظيم رغم فجاجة شكله ...

وحين كان رسول الله «صلى الله عليه وسلم » بشرا ... وإن كان طبعا سيد البشر .. ومصطفاهم .. ورحمته للعالمين ...

إلا أنه كان المغزى .. أن يكون نبي الأمة بشرا ... حتى تكون لنا فيه أسوة حسنة ... لم يكن ملكا حتى لا نيأس ونقول أنه مــلاك !!!!!.... يفوق قدراتنــا !!!....

لكنه كان بشرا .. حتى نستطيع أن نقتدي به ... بصورة أكثر سلاسة .. وأشد إقناعا عن كونه ملكا ...

معنى ذلك أن سياسته ومنهجه ينطبق أيضا على قادة الأمم ... فحين يكون هناك قائد لأمة ... يجب أن يفسح له مساحة .. أو مجالا لحرية الحركة ... على اعتبار أن له حسابات تختلف عن العامة ... وتقديرات لأفق متسع ... تفوق حدود مكان أصحاب الرأي ...

وإن كان هناك إذن حاجه ملحة .. فيمكن عرضها ولكن بأداب ... الفاروق العادل القوي.. العتي.. الراشد.. العزيز .. بعزة الإسلام .. دون أن يكون هناك .. شطط أو خروج عن حدود اللياقة والأدب ... التى هي أداب الإسلام التي كان عليها أصحاب رسول الله ...

إذن !!!!..... سيرة النبي الشريف .. وصحابته الكرام .. إنما هي دستور .. لا يجب ولا يمكن أبدا أن نحيد عنهم ... « من رغب عن سنتي فليس مني » .. « فعليكم بسنتي .. وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجز .. وإياكم ومحدثات الأمور ... فإن كل بدعة ضلالة » ....

إذن لا مجال .. لهذه الشقة .. أو الانشقاقات .. أو الشطط ...

لأنه يجمعنا سويا ..حاكما.. أو قيادة .. و شعبا ...مصلحة واحدة .. وهدف واحد ... وأمانة واحدة ...

كلنــا في مركب واحد ....

ولكن متى يكون الشطط ؟؟!!! .. والانقسامات!!! .. والتعددية !!! ...والخلاف!!! .. لدرجة التطاحن !!.. والتناحر !!!... والخروج عن آداب الإسلام في الاختلاف بما يعود بالضرر للوطن!!! .. في حالة واحدة .. حين تختلف المصالح ... وتتباين الغايات ... وتحديدا حين لا تكون المصلحة والغاية ... من أجل الوطن .. أو من أجل الدين .. أو أجل من الأمة ..

وإنما من أجل مصالح شخصية تتعارض مع إعلاء مصلحة الوطن ... مصالح لا تخدم إلا أعداء الوطن .. مدفوعة الأجر .. مدفوعة الثمن ... أو مصالح شخصية مريضة ...

وإلا لما يمكن أن يصل الإختلاف إلى هذه الدرجات المتباينة من الصراعات ..والنتاحرات.. والانشقاقات ... إلى حد التمزق و التهلهل ..

بما ذلك من ضرب للوطن وللدين .. ولأنفسنا ... وفي مقتل .. وبلا رجعه ..

أعزائـي القراء في كل مكان ....

دائما وأنا اختتم مقالي الاسبوعي معكم خاصة عن الفاروق العادل .. يتضاعف حزني لاني أتوقف عن الحديث عنه ولو بصورة مؤقتة .. لأني سوف انهي كلامي معكم ... لأني أجد جزء كبيرا من نفسي .. وأنا امسك بالقلم حين احكي معكم ... إما ونحن نعيد ذكر الله .. أو نحن نقلب في صفحات الزمان الراحل .. نتأسى على الحلو منه ... نحاول أن نستدعيه ليعيش بيننا اليوم في آخر الزمان .. ولكن لا محالة .. مع كل لقاء لابد أن يكون معه غريمه الفراق .. ولكن عزائي أني سوف أشعر بأرواحكم تشاركني الصيام والصلاة وقيام الليل ... أجمل ساعات التهجد في أروع ساعات السحر ...

ونكمل الحديث في الاسبوع القادم

إن شاء الله إن قدر الله لنا الحياة والبقاء

لمتابعة مقالات رئيس التحرير : أ. الهام شرشر