رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

موت الفجأة.. فاجعة العصر

الدواء.. المخدرات.. المكملات

"الجرعة السريعة" تسلب أرواح المصريين

تغليظ عقوبة "غش الدواء" إلى القتل العمد

أبطال الرياضة يواجهون الموت بعد الاعتماد على المكملات

المخدرات.. وهم الموضة يحصد أرواح الشباب

العقاقير الدوائية المغشوشة، والمخدرات، والمنشطات والمكملات الغذائية، أدوات قتل المصريين فى غفلة من الرقابة المجتمعية للأسرة والأجهزة الرقابية، انتشرت مصانع بير السلم العاملة فى تصنيع أصناف من الأدوية وتوزيعها فى الأسواق، ويتناولها المريض دون دراية فيحصد الموت المفاجئ، أما المخدرات فيتم الترويج لها على أنها لزوم الكيف واقتنائها يعنى مزامنة الموضة.

وعلى الرغم من أن البعض يجد ضالته فيها إلا أن نسبة كبيرة من مدمنى المخدرات يحصدون الموت المفاجئ فى أى لحظة بعدما تقل قدرة الجسم على تحمل السموم التى تحتويها المخدرات، كما يتم الترويج للمنشطات الغذائية على أنها الملاذ الأول والأخير للحفاظ على الجسم المتوازن والرشاقة المطلوبة، خاصة السيدات، وأحيانا ما يتم وضع هذه السموم القاتلة فى طريق الرياضيين الذين يفقدون أحلامهم فى حصد البطولات الدولية بعد إدمانهم لهذه السموم التى تعمل على الإضرار بوظائف أجهزة الجسم وأحيانا ما تصيب بعضها بالخمول الذى قد ينتج عنه حالات الوفاة المفاجئ أيضا.

ولعل سجلات دفاتر الأحوال بأقسام ومراكز الشرطة ممتلئة بآلاف الحالات التى تودع الحياة بسبب تعاطى المخدرات بأنواعها المختلفة، بالإضافة إلى ضبطيات الأدوية المغشوشة التى يتم إحباط تداولها فى الأسواق بين المرضى، وبلاغات تداول المكملات الغذائية مجهولة المصدر داخل الأندية الصحية والرياضية وصالات الجيم، والتى تحصد هى الأخرى أرواح المصريين.. "الزمان"، تفتح ملف الأسباب الحقيقية فى قضية الموت المفاجئ الذى يعانى منه المجتمع بعد انتشار الأدوية المغشوشة ومجهولة المصدر، والمخدرات، والمكملات الغذائية، والتفاصيل الكاملة نعرضها خلال السطور التالية.

سم قاتل

"الدواء فيه سم قاتل".. عبارة لا تزال عالقة بذاكرة السينما المصرية، عندما اكتشف أحد الصيادلة أنه أخطأ فى إعداد الدواء لمريض وحاول بشتى الطرق إنقاذ المريض من الموت المؤكد وتسابق الصيدلى الذى غلب ضميره الإنسانى مكاسب الشيطان، مع الأحداث حتى نجح فى منع المريض من تناول الدواء الخاطئ، وهذا كله يتعارض ويتنافى مع ما يحدث الآن، حيث اختصت مناطق بعينها بغش الدواء والغريب أن بها صيادلة متخصصون ذهبت ضمائرهم فى مهب الرياح وتخصصوا فى قتل المرضى بالتلاعب فى نسب إعداد وتصنيع الأدوية بأصنافها المختلفة.

وعلى الرغم من حجم القضايا والضبطيات التى تعلن عنها الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية عن ضبط مخازن لأدوية مغشوشة ومجهولة المصدر، وكان آخرها المخزن الذى تم ضبطه داخل إحدى القرى التابعة لمدينة القناطر الخيرية بمعرفة العميد محمد المحاريق، رئيس مباحث البيئة والمسطحات المائية، إلا أنه لا تزال هناك مناطق كاملة ومدن اشتهرت بتصنيع وتجارة الأدوية المغشوشة ويتم ترويجها فى الأسواق، حيث يتم بيع الكثير منها على الأرصفة والبعض الآخر تتولاه مخازن بير السلم التى تقوم بتوزيعه على بعض الصيدليات التى تحقق استفادة من فارق الأسعار بين الدواء السليم والآخر المغشوش.

من جانبهم أكد خبراء فى مجال الدواء أن الأسواق تحتاج لمزيد من الرقابة كاشفين أن مصانع بير السلم معروفة للجميع، واتهموا هذه المصانع بإلحاق الأضرار بالأمن القومى المصرى باعتبار أن صحة المواطن خط أحمر والاقتراب منه أمر له ضوابط ومحاذير يجب الانتباه إليها جميعا.

الدكتور محمد غنيم، رئيس النقابة العامة لمصنعى المستحضرات الطبية لدى الغير، ورئيس مجلس إدارة إحدى شركات الصناعات الدوائية، قال إن الأدوية المغشوشة، تزيد نسبتها على 20%، من حجم الدواء المعروض بالأسواق، موجها اتهامه للأجهزة الرقابية ووصفها بأنها تغيب بشكل كبير عما يجرى بشأن تكهين ماكينات تصنيع الدواء، لافتا إلى أن منتجات بير السلم يتم بيعها على الأرصفة.

ويسرد غنيم، إحدى وقائع الفساد التى كانت بمثابة الدليل القوى والواضح على رعاية بعض الأجهزة لعمليات غش الدواء، قائلا: تم توقيع الحجز الإدارى، على ماكينات التصنيع بأحد مصانع إنتاج الدواء بمدينة العاشر من رمضان، وتم بيع 100 ماكينة تصنيع دواء لأشخاص لا علاقة لهم بمجال الدواء، من قريب أو بعيد، بمخالفة قرار وزير الصحة 497 لسنة 2014 الذى يحظر التصرف فى ماكينات وأدوات تصنيع الأدوية، إلا بعد العودة إلى الإدارة المختصة بوزارة الصحة، موضحا أنه أسرع بمخاطبة الجهات الرقابية والمعنية بالأمر، محاولا منع كارثة خروج الماكينات واستخدامها فى تصنيع الدواء المغشوش، إلا أن أحدا لم يستجب، -على حد وصفه-.

وتابع غنيم: خرجت الماكينات دون أن يعلم أحد المكان الذى استقرت به، وفيم تم استخدامها؟، وماذا صنعت؟، وكل المعلومات المتاحة بشأن هذه الماكينات أنه يتم استخدامها فى تصنيع الأدوية المغشوشة بورش "بير السلم"، وأصبحت الماكينات فى قبضة مافيا تصنيع الأدوية المغشوشة، ليدفع المريض الثمن باهظا من حياته وصحته.

خطوط إنتاج

الدكتور حاتم البدوى، سكرتير عام الشعبة العامة لأصحاب الصيدليات، وعضو مجلس إدارة غرفة القليوبية التجارية، يؤكد أن السبب الرئيسى فى قضية غش الدواء هو الفساد، مشيرا إلى أن الماكينات المستخدمة كخطوط إنتاج لمنتجات الأدوية تدخل إلى البلاد للعمل داخل شركات كبرى، وعندما تريد هذه الشركات تجديد وتحديث خطوط إنتاجها تقوم ببيع الماكينات القديمة، لافتا إلى أنه لا يتم تأمين عمليات التخلص من هذه الماكينات التى تذهب فى غفلة من الأجهزة الرقابية إلى شركات بير السلم بدلا من تخريدها حفاظا على سمعة الدواء المصرى، وصحة المواطنين.

ويضيف البدوى، عن قيام بعض أصحاب شركات "بير السلم" بالاعتماد على الفساد كأسلوب حياة وتعامل مع بعض مسئولى وموظفى المنافذ الجمركية من أصحاب النفوس الضعيفة، لتوصيف هذه الماكينات على أنها معدات إنتاجية تعمل فى مجالات أخرى وليست خطوط إنتاج دواء، حتى لا يتم احتساب العمر الافتراضى لها، وتتم محاسبة الشركة على خروجها.

ويشدد البدوى، وزير الصحة، على ضرورة تكثيف الرقابة على سوق الدواء، وشركات الأدوية الكبرى، وحصر أعمار الماكينات التى تبيع هذه الخطوط الإنتاجية لأنها مسئولية وزارة الصحة من الألف إلى الياء –على حد وصفه-، موضحا أن انتشار الدواء المغشوش دليل واضح على فشل وزارة الصحة فى إدارة ملف الدواء فى مصر.

الدكتور أحمد عامر الخولى، مؤسس إحدى شركات تصنيع الدواء، يؤكد أن المرضى يواجهون الموت بسبب الأدوية المغشوشة، كاشفا أن هناك بعض المدن التى حققت شهرة عالمية فى تصنيع الأدوية المغشوشة، مشيرا إلى أن أكثرها شهرة بمحافظة الدقهلية، والتى تنتج وحدها نحو 60% من حجم تجارة الأدوية المغشوشة بمصر، موضحا أن الأموال والثروات الطائلة التى يجنيها صانع الدواء المضروب، جعلته يهمل حجم الجريمة الحقيقية التى يرتكبها فى حق الوطن والأمن القومى.

ويوضح الخولى، أنه فى الوقت الذى يعيش فيه المريض أصعب لحظاته بحثا عن فرص للشفاء، تقوم مصانع بير السلم، بتعبئة بودرة السيراميك فى كبسولات أو أقراص وتقدمها للمريض الذى قد تزداد حالته للأكثر سوءا، وقد تنتهى بالوفاة.

ويشير الخولى، إلى أن حجم تجارة الدواء يصل لنحو 24 مليار جنيه سنويا، 20% منها عبارة عن دواء مغشوش، بمعدل 4 مليارات جنيه سنويا-وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية-.

ويلفت الخولى، إلى أن بعض مصانع الأدوية تقوم ببيع ماكينات صناعة الدواء القديمة لتجار الخردة بعد تكهينها، فيما يعيد هؤلاء التجار تشغيلها مرة أخرى على الرغم من انتهاء عمرها الافتراضى، ويحتفظ بها تجار الموت داخل مخازنهم وتبدأ عملية التصنيع، ويقوم بعضهم بالتعاقد مع مافيا جمع القمامة، لجمع العبوات الفارغة التى تخرج عن المستشفيات والمراكز الطبية، وإعادة تعبئتها من جديد، كما يتم التعاقد مع بعض مصانع البلاستيك والكارتون لإعداد عبوات شبيهة بالأصلية، ويعتمدون فى توزيع منتجاتهم المغشوشة من الأدوية على بعض مخازن ومكاتب التوزيع الصغيرة مستغلين السعر المنافس الذى يحقق أرباحا خيالية بجانب المنتج الأصلى، ويقتنى المريض هذه الأدوية "المضروبة"، من الصيدليات الصغيرة والمنتشرة بالمناطق النائية.

ويكشف الخولى، أن هناك روشتة علاج الأدوية المغشوشة بسيطة وتتلخص فى أمور بسيطة أهمها منع مصانع الأدوية من بيع ماكينات التصنيع القديمة إلا بإشراف طبى ورقابى ليتم متابعة إعدامه تماما وتحويله إلى كتل من الحديد، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على مخازن الأدوية والصيدليات، وأن تكون جميع المعاملات بفواتير معتمدة بأرقام مسلسلة من المصنع وصولا إلى الصيدلية، بالإضافة إلى تغيير القوانين الحالية التى تعاقب غش الأدوية بغرامة لا تتجاوز بضع الجنيهات، وتغليظ العقوبة لتصل باعتبارها قتل عمد، على أن يتم التعامل مع مصانع بير السلم بتفعيل نصوص القانون، قبل أن تتفاقم المشكلة.

تعديلات تشريعية

المستشار حسن عبدالسلام، المحامى، يؤكد أن قضية غش الدواء تحتاج إلى تعديل التشريعات المعمول بها حاليا، على أن يتم تغليظ عقوبة "غش الدواء"، وتعديل وصفها من غش تجارى إلى جريمة القتل العمدى، واصفا قطاع الدواء بأنه يمس الأمن القومى المصرى، حيث يرتبط بالصحة العامة للمواطنين.

ويؤكد عبدالسلام، أن القضية تحتاج إلى سرعة التحرك من جميع الأجهزة المعنية بالأمر، كما يحتاج استراتيجية للسيطرة على الورش ومصانع بير السلم، التى تلحق الأضرار الجمة بالاقتصاد الرسمى، على أن يتم تطبيق القانون عليها ودمجها تحت مظلة الشرعية، مشيرا إلى أهمية التوعية عبر وسائل الإعلام المختلفة.

ويشدد عبدالسلام، على أهمية تكثيف الحملات التفتيشية للأجهزة الرقابية على المناطق الصناعية العشوائية التى تنتشر فى الكثير من المدن ومعظمها مناطق عشوائية نائية وبعيدة عن جهاز الشرطة والأجهزة الرقابية المنوط بها التفتيش والضبط لهذه المصانع، ولا بد من التنسيق الكامل بين الجهات الرقابية حتى نتمكن من التعامل الحازم مع مثل تلك المصانع.

أما المنشطات والمكملات الغذائية، فكانت بمثابة الخطر الداهم الذى يحصد أرواح بعض الرياضيين ممن يلجأون إلى هذه الأصناف بقصد الحفاظ على الرشاقة والجسد الممشوق، إلا أن البعض اكتشف أن هذه المكملات والمنشطات هى المدخل الرئيسى لعالم الوفيات، حيث تلحق الأضرار الجمة بأجهزة الجسم كاملة وتصيبها بحالة من الشلل شبه التام، وتنتج عنها الوفاة المفاجئة، ورصدت "الزمان"، عددا من الحالات التى أصبحت ضحايا لهذه الأصناف وأضاعت أحلام أبطال فى المجالات الرياضية المختلفة، ونعرض ثلاث حالات منها، تكشف ما تعرضت له بعد تناول المكملات الغذائية.

الكولاجين

حنان متولى، ابنة الثلاثين من ربيعها، تروى تجربتها مع دواء الكولاجين، حيث تلتزم ببرنامج رياضى داخل أحد مراكز التخسيس بالمعادى، وأثناء ممارستها للرياضة داخل الجيم جمعتها الصدفة بإحدى السيدات وتسمى الكابتن أمل، وتقوم ببيع المكملات والفتيامينات الغذائية المستخدمة فى إنقاص الوزن، وتحقيق حلم الرشاقة الذى تنتظره الكثير من السيدات فى أسرع وقت ممكن.

وأضافت، أنه منذ 4 أسابيع حاولت الكابتن أمل إقناعى بشراء دواء الكولاجين المستخدم فى تقوية خصلات الشعر والأظافر وتنقية البشرة، بعدما أكدت حين شاهدتنى بأنى أعانى من ضعف بخصلات الشعر، والبشرة وأمام محاولاتها لم أدرك طريقا للهروب أو الإفلات مما أرادت أن تبيع لى، وبالفعل قمت بشراء العلبة الواحدة بمبلغ 500 جنيه، وعقب الحصول عليها لم أشعر بأى نتيجة للتحسن فيما ادعت، بل كانت صدمتى التى لم أتوقعها، حيث بدأت لأول مرة فى حياتى أعانى من تساقط شعرى ثم ألم شديد فى الكليتين، وعندما توجهت إلى أحد الأطباء اكتشفت أن سبب المعاناة التى أصارع خلالها الموت تكمن فى الدواء الذى حاصرتنى به الكابتن أمل، والغريب أنها فص ملح وداب ولم أتمكن من العثور عليها مرة أخرى.

نانسى محمود، وتبلغ من العمر 33 عاماً، من سكان التجمع الخامس، وهى لاعبة لكرة السلة، ومنذ فترة بسيطة أقنعها البعض باقتناء المنشطات التى تروج لها إحدى السيدات داخل بعض الأندية الصحية والرياضية، وكان نصيب نانسى –مثلما تروى تفاصيل مأساتها مع المكملات الغذائية-، وبعدما بدأت اقتناء أحد هذه المكملات أو المنشطات الغذائية وهو "البلدنون"، بعدما زعم البعض أنه سيكون لها دورها البارز فى الاحتفاظ برشاقتها وجسدها الرياضى الممشوق، حدثت الكوارث، حيث انقلبت حياتها رأسا على عقب، حيث عمل على حبس المياه داخل الجسم، وقام بتنشيط الغدة العرقية وهو ما زادت معه كمية العرق، فضلاً عن وجود روائح كريهة للعرق لم تكن موجودة من قبل، وأصبح ينفر منها الجميع.

وأشارت إلى أن "البلدنون"، أحدث الكوارث بجسدها، حيث وصل الأمر إلى حدوث خلل فى إفرازات الهرمونات الذكورية والأنثوية، وهو ما أدى إلى ظهور علامات الذكورة لديها، حيث بات يظهر شعر فى وجهها وصدرها بشكل كثيف، موضحة أنه منذ ذلك الوقت وحتى الآن لم تجن سوى التوقف عن ممارسة الرياضة ولم تقترب من كرة السلة وما زالت تخضع للعلاج بعدما أصيبت الهرمونات لديها بالخلل، وباتت ملامح وجهها تتبدل كثيرا عما كانت عليه، قائلة: وستظل هذه هى أسوأ تجاربى فى الحياة، بعدما بدأ الجميع ينفر من وجودى ولا يجتمع معى أحد.

أما نهى وجيه، البالغة من العمر 22 عاماً، وكانت من أشهر لاعبات الجمباز، قبل أن تتجه إلى المكملات الغذائية وبالأخص "توديكا" وهو مكمل غذائى قامت بشرائه من أحد الكباتن المتواجدين بالنادى وثمن الشريط الواحد منه 600 جنيه، ويتم الترويج له بأنه المكمل الغذائى الأوحد القادر على حماية الجسم والحفاظ على أقصى درجات الرشاقة إلا أنها اكتشفت مؤخرا بعدما اعتمدت عليه كثيرا فى حياتها، أنه أحد أنواع الأحماض الأمينية والمستخرج من العصارة الصفراوية، وأنه يسبب زيادة فى إنزيمات الكبد" AST – ALT "، ويحتاج لمضادات أكسدة لتقوية الكبد، كما أنه يسبب أعراضا جانبية منها الإسهال، وفى حالة تناوله وإهمال متابع الكبد وتنظيفه يصاب بالتورم، وهذا ما اكتشفته مؤخراً، حيث فوجئت بتدهور حالة الكبد لديها، وهى الآن تواجه الأمرين، حيث بدأت فى رحلة علاج مما أصاب كبدها، ولا تعلم متى تنتهى هذه الرحلة العصيبة.

وأضافت نهى: الدموع لا تفارقنى ولا أمتلك الآن سوى الحسرة على الأيام الماضية، حيث أجلس أمام صور البطولات التى حصدتها فى الماضى وصورى خلال التمارين والدموع تلاحق هذه الذكريات بعدما أدركت أننى أخطأت فى حق نفسى باللجوء إلى عالم المجهول الذى أضاع كل أحلامى التى جلست سنوات أعد لها نفسى، لكن هذه الأدوية القاتلة نسفت كل هذه الأحلام.

الرشاقة والنضارة

أحلام ملايين السيدات والفتيات بالحفاظ على الرشاقة والنضارة تنطلق من الفيتامينات والمكملات الغذائية التى تم اكتشاف أضرارها الوخيمة، وأنها أحيانا ما ينتج عنها تدهور عام فى الصحة ويؤدى إلى الوفاة، والكثير من هذه المنتجات الضارة يتم تداولها على صفحات التواصل الاجتماعى، ويتم الترويج لها فى كوافيرات السيدات، وتكون أغلبها مكملات غذائية، غير مسلحة بوزارة الصحة وبعضها يدخل للبلاد بطرق تهريب الممنوعات.

الدكتور هانى الناظر، استشارى الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومى للبحوث سابقا، يؤكد أن هناك الكثير من الشائعات التى تتناقلها وسائل الإعلام بشأن أن هناك أدوية تساعد على علاج الشعر فضلا عن وصفات توضع على الشعر وتقوم بتقويته إلا أنه فى النهاية ما هى إلا مواد كيماوية تؤدى إلى تدمير الشعر بالإضافة إلى الرسومات التى توضع على الجلد وبعضها أيضا يؤدى إلى مشاكل خطيرة تنتج عنها الحساسية المزمنة.

وأضاف الناظر، أنه لا بديل عن الوصفات الطبيعية لعلاج الشعر، ومنها مجموعة من الزيوت الطبيعية كزيت اللوز الحلو وزيت السمسم وزيت الجزر وزيت الزيتون، على أن يتم خلطها بكميات متساوية على بعضها البعض ويتم استخدمها عن طريق وضعها على الشعر لمدة يومين فى الأسبوع مساء عن طريق تدليك فروة الرأس لمدة ثلاثة أشهر مع بعض الفيتامينات والتى تسمى مالتى فيتامينات، مشيرا إلى أن التعامل مع الفيتامينات لا بد وأن يكون بحذر شديد، كاشفا عن وجود شركات كبرى منتجة للأدوية وتقوم بتصنيع هذه الفيتامينات بكميات محددة وتراعى النسب المتفق عليها فى المكونات عالميا، والتى تتزامن مع قدرة حاجة جسم الإنسان وتؤخذ كبسولة واحدة فقط بعد الإفطار لمدة ثلاثة أشهر.

فيتامينات وهمية

الدكتور أسامة حمدى خير، صيدلى يوضح أنه انتشرت فى الآونة الأخيرة شائعات كثيرة تؤكد أن سبب مرض السرطان هو نقص ما أسموه بفيتامين "ب ١٧"، وأن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية قد اتفقت مع كبرى شركات الأدوية العالمية على حجب أهمية الدور الذى يلعبه فيتامين "ب ١٧"، فى الوقاية من السرطان عن المواطنين للاستمرار فى بيع أدوية السرطان باهظة الثمن، والتى تدر عليهم مليارات الدولارات، ويدعى مروجو هذه المعلومات أن هذا الفيتامين موجود داخل نواة المشمش والبرقوق واللوز وبذور التفاح والكمثرى وينصحون الناس بتناول هذه الفواكه للوقاية من السرطان.

وأضاف خير، أن الحقيقة تكون على خلاف ذلك، حيث إنه لا يوجد فيتامين فى الأساس بهذا الاسم، كما أن المادة التى أطلقوا اسم هذا الفيتامين عليها هى مادة الأميجدالين Amygdalin ومادة الليتريل Laetrile الموجودة فى هذه المصادر، ومنذ الخمسينيات جرى الترويج لهاتين المادتين على أنهما علاج فعال للسرطان، ولكن الحقيقة المرة أن هذه المواد عند هضمهما فى الأمعاء ينتج عنهما مادة السيانيد القاتلة، ومع زيادة استهلاك هذه المصادر الغذائية تزداد نسبة السيانيد إلى المستوى القاتل الذى قد يسبب الوفاة، وكوسيلة للترويج لهذه المواد السمية أطلقوا عليها اسم فيتامين ب ١٧حتى يتمكنوا من تسجيلها كمادة غذائية مكملة، وتم إجراء العديد من الأبحاث العلمية الدقيقة على هاتين المادتين ووجدت الأبحاث أنه لا فائدة تذكر من استخدامهما وحرمت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية تداولهما فى أى صورة لخطورتهما.

المخدرات

على مدار السنوات الماضية وتسعى وزارة الصحة لتضافر الجهود مع المنظمات الحقوقية لنشر خطورة تعاطى المخدرات بين الشباب وذلك مطلع التسعينيات من القرن الماضى حينما انتشرت جماعات "عبدة الشيطان"، وإدمان الهيروين ونشره كثقافة بين شباب الجامعات على سبيل "الموضة والروشنة" وكان لوزارة الداخلية دور كبير فى مكافحة تلك الظاهرة والتى تلونت بفعل تقلبات الظروف السياسية والأمنية وظهرت أنواع جديدة منها، وخلال تلك السنوات وخاصة بعد انتشار السوشيال ميديا، لا يمر علينا يوم إلا ونشاطر أحدهم الحزن فى وفاة أحد الشباب بشكل مفاجئ دون مرض أو علة، ولكن حالات أخرى وافتها المنية بعد تعاطيهم المخدرات وهم فى سن الشباب وآخرين نتيجة تناول عقاقير طبية مغشوشة، ورغم أن المخدرات لا تقتل صاحبها على الفور وتقتله على المدى البعيد، إلا أن بعض الحالات التى رصدتها "الزمان" بموجب شهادات طبية، تثبت أن المخدرات لا تزال الجانى الأول فى قصف عمر الشباب فى ظل صمت رهيب وتعتيم غير مبرر على إلقاء التهمة بالمخدرات ومروجيها.

الدكتور باسم محمد، استشارى أمراض الجهاز الهضمى والكبد، يؤكد: فى الماضى لم تكن المخدرات تقتل مباشرة إلا فى حالات محدودة ومنها تناول العقاقير المخدرة على أمعاء خاوية بما يتسبب فى الإصابة بهبوط حاد فى الدورة الدموية، أو تناول كمية زائدة من مخدر الهيروين، بعكس ما يحدث الآن بعد ظهور عقاقير تقتل فى الحال، مشيرا إلى أن القائمة ممتلئة ومنها عقار"الفودو"، و"الزومبى"، و"الاستروكس"، وهى عقاقير قاتلة، حيث تضم فى مكوناتها السموم المستخدمة فى قتل الحشرات.

وتابع محمد: كم رأينا من مقاطع مصورة لشباب "يتلوى" على الأرض نتيجة تناول عقار "الزومبى"، والسؤال هنا، هل يتم توقيع الكشف الطبى فعلاً على الشباب الصغير بعد وفاته أم يقتصر تقرير الطبيب على عبارة "وصل المريض إلى المستشفى وتوفى على إثر هبوط حاد بالدورة الدموية"، دون تشريح لبيان حقيقة الوفاة، وهو الغالب فى تقارير الوفاة الصادرة عن مستشفيات حكومية بطلب من أهل المتوفى.

وأضاف محمد، أن للتقرير أهمية قصوى منها الوصول إلى الحقيقة وتحديد سبب الوفاة، كما أنه إذا تم الإعلان عن حالات وفاة بسبب تعاطى العقاقير المخدرة فإن هذا سيكون ناقوسا للخطر بين الأسر لحماية أبنائهم من السقوط فى هذا الأمر.

وأشار محمد، إلى أن السر وراء قتل المخدرات للشباب فور تناولها، هو أن المخدرات قديماً كانت عبارة عن مادة خام، أو مصنعة من المادة الخام كدرجة أولى، ولم تكن متاحة بهذا الشكل للجميع كما هى الآن، بل إن الوصول لها كان يستلزم عدة محاولات حتى يصل المتعاطى لها، وربما تنقطع عنه لانقطاعها عن مموله، وهذا ما جعل مروجى المخدرات يبحثون عن بدائل للمادة الخام أو المادة الأولية، وكانت هذه هى الطامة الكبرى، حيث بدأوا بتصنيع مواد أخرى من المادة الخام، فأدخلوا عليها موادا جديدة لها نفس التأثيرعلى الدماغ، أو أشد، وهى مواد شديدة السمية، فأصبح المتعاطى يتعاطى سُمَّا، وفى بعض الأحيان تكون نسبة السم كبيرة جداً فلا يتحملها الجسم البشرى، فتتهالك أجهزته فوراً مما يكون سببا رئيسيا فى الوفاة المباشرة.

ويتفق معه، الدكتور محمد طلبة، استشارى علاج الإدمان، قائلاً: للأسف، فإن هذا ما يحدث هذه الأيام، مضيفا: هناك أنواع جديدة من المخدرات المصنعة، أو الطبيعية ولكن أضيفت لها مواد شديدة السمية مصنعة لترفع مستوى تدفق الدوبامين فى الدماغ، مما يجعل الدماغ يفقد مخزونه من الدوبامين، ويؤثر أيضاً على الأجهزة الأخرى فى الجسم كالجهاز التنفسى أو الهضمى أو القلب، ويكون تأثيره قوياً لدرجة تجعل الجسم يستنفذ كل خطوطه الدفاعية ضد السموم القادمة له، مما يجعله ينهار تحت وطأة هذه المواد السامة، فتحدث الوفاة فجأة، لافتا إلى أنه تختلف قدرة كل جسم فى التحمل عن غيره، فالبعض يمكنه تحمل تأثيرها السام عدة شهور، والبعض عدة أسابيع والآخر مجرد أيام، وهناك فئة أخرى تسقط مباشرة دون سابق إنذار.