رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

شوفي يا مصر

ألووه يا دفاع ! سيارات التموين للصعيد أيضا ! 


الطريق إلى صعيد مصر شمس ساطعة ورمال ممتدة على الجانبين إلى الأفق، وقد تقطعه محطات البنزين المعروفة باسم " الوطنية " لتجعل المسافر يلتقط أنفاسه ويلتقط بعض ما قد يعوزه من أشياء أو مأكولا ثم يعود إلى طريقه الموحش الطويل .

لا شيء يطالع عينيك سوى الرمال والشمس القوية المبهرة،  لا شىء سوى سيارات النقل التي قد تمرق الى جوارك بين الفينة والفينة .

فاذا أقبل الليل ، أقبل مظلما لا بصيص نور فيه ، إلا من أضواء السيارات العابرة، وقد تكون مصابيح بعض السيارات معيبة أيضا ، فتشق طريقها بمصباح واحد كدراجة هوائية عابثة في طريق سريع معرضة نفسها وركباها ومن تمر بهم الى الخطر .

ولكن الناس تمضي في طريقها وهى تتمتم بذكر الله لعلها تصل إلى عنوانها المقصود سالمة من غير سوء، لطريق الوحيد في صمته وصبره يا يصدر أنينا .

وهذه الصحراء المترامية الساكنة الباكية المظلمة ليلا تلح على فكرك وتلح بألم وحزن على قلبك - كمواطن من أهلها – لكي تنظر اليها وتعيرها شيئا من اهتمامك وصبرك . تلح عليك وعلى كل عابر بها ، كأنما تسألنا بلطف : ماذا جنيت لأبقى سداحا مداحا بلا عامود إنارة يؤنس وحشتي وينير الطريق لسيارة بلا اضاءة ؟! .. لماذا لا تقوم هنا على امتداد الطريق مشاريع خدمية بسيطة ومتناهية الصغر تنير الطريق وتزيل وحشته وتزيد في أمنه وتفتح أبواب رزق لأناس كثيرين بلا عمل .

لماذا لا تمتد المشاريع الخدمية للقوات المسلحة العظيمة إلى ضفتي هذا الطريق فتملؤهما حركة وحياة تشجع الناس على العمل والسكن وتمنع عصابات النهب المنظم التي تروع الناس وتنهبهم .

لا شيء في سماء المسافر إلى الصعيد سوى هذه التساؤلات المشروعة من أرض جرداء عزيزة غالية تحب أهلها وتتمنى لهم الخير .

وتظل تساؤلاتها وتساؤلات الطريق الموحش تطرق أذنيك وتطرق باب عقلك وتطرق باب أوجاعك ، ويزداد حماسها كلما اقتربت من مدن الصعيد .

فالحياة قاهرة صعبة ، ومن الممكن ، ومن الواجب أن تكون ألين وأفضل من ذلك وأكثر اشراقا . بعض سيارات مهشمة على جانبي الطريق . وبعض حيوانات ميتة لم تجد من يواريها التراب - رحمة من عند الله – ومنعا لانتشار الأمراض والأوبئة الى سكان المنطقة والى العابرين والى حيوانات أخرى في الحقول القريبة، الصمت يغلف كل شىء .

فالصمت في الصعيد هو الحاكم الآمر الناهى ، والصمت في الصعيد يتحدى الوطن ويرفض الهزيمة لأنه احتل الحياة هناك لزمن طويل ، الصمت في الصعيد رجال بلا عمل، ومحال بلا بضائع ، ومحال لا تبيع الا قطرات الغيث ، وأسعار تنافس الأسعار في القاهرة وتجلد الناس بسياطها كل يوم، أسعار الصعيد أعلى من أسعار القاهرة والصمت في الصعيد غطاء من التراب الذي يلف كل شىء بلا خجل ، ويصوغ حياة متواضعة منكسرة بلا مبرر ، فقط لأنه لم يجد من يردعه عن جزء أصيل من الوطن لا يقل أهمية عن سائر أجزاء الوطن . 


محطات الوطنية التابعة لجهاز خدمات القوات المسلحة محطات نظيفة من الخارج والداخل ويحكمها النظام والأدب في التعامل مع المترددين من المواطنين ، وهذه شهادة حق وتقدير،  ووجودها يجري الدماء في عروق الطريق ويبث الطمأنينة في قلوب المسافرين ، فلماذا لا تنتشر الى أقصى الصعيد وتسعد أهلنا ؟!

لماذا لا تنتشر المجمعات الخدمية التابعة للقوات المسلحة ، والتي نراها في القاهرة وتقدم خدمات جليلة في القاهرة ، في مدن الصعيد وتريح الناس قليلا من نيران أسعار الجزارة والجزارين وبعض التجار الجشعين ؟!


إن استعانة جهاز الخدمات بالقوات المسلحة المصرية الكريمة بسيارات للامداد التمويني بمختلف السلع ، والتي نشاهدها بكثرة في القاهرة هى ولا شك فكرة جميلة وسريعة الانجاز .

فهل يمكن أن تنشر هذه الفكرة فورا في محافظات الصعيد مثل قنا وغيرها كحلول مؤقتة ؟! فالناس هناك بحاجة ماسة إلى هذه المعونة التي تهون عليهم بأس الحياة وقسوتها وحدة الأسعار . 
أكرم ألله وزارة الدفاع المصرية فهى نجدة الملهوف حقا في وطننا الغالي، والصعيد أهلنا ، وهم ضعاف ، وقد يكونون هم أولى بالعون السريع .

حفظ ألله مصر ورئيسها ووفقه وقادتنا الى ما فيه الخير .