وزير المالية: تخصيص 636 مليار جنيه للدعم والمنح و575 مليار جنيه للأجور في الموازنة الجديد هالة السعيد أمام النواب: 179 مليار جنيه استثمارات موجهة لأنشطة الزراعة والري بخطة العام المالي القادم ضبط أحد الأشخاص لقيامه بإدارة كيان تعليمي وهمي بالمنوفية بقصد النصب ضبط أحد الأشخاص لقيامه بإدارة كيان تعليمي وهمي بسوهاج وزير الخارجية: لا بديل عن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي شكري: حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة خطوة أساسية على طريق حل الدولتين وزير الخارجية: الحالة في غزة كارثية والمساعدات غير كافية ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي وفاء عامر: في أعمال أتعرضت في رمضان ومحدش شافها وبقت رقم واحد وزير المالية أمام البرلمان: إعداد موازنة العام المقبل مُحاط بصورة ضبابية وفاء عامر تكشف عن كواليس مشهد ضربها 4 مرات من رياض الخولي: قولتوله أنت مش زوجي وفاء عامر: الفنان الراحل خالد صالح باس أيدي في أول يوم تصوير من ”كف القمر”
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

الجثث اختلطت بمياه الشرب.. كيف يعيش أهالي الموصل بعد داعش؟

داعش في الموصل
داعش في الموصل

أزقة ضيقة.. رائحة نتنة تتصاعد من بين أكوام الرماد, طيور جارحة تحلق على مسافة قريبة من البيوت، والقوارض تملأ جميع الشقوق، حتى الكلاب تتغذى على الجثامين المتوارية تحت المنازل المنكوبة.. تشكل تلك السطور ما آلت إليه الأوضاع في مدينة الموصل العراقية القديمة.

"نحن الجثث.. كان لدي 3 أولاد قتلوا جميعًا في الحرب.. لا توجد خدمات.. لا مياه ولا كهرباء.. وأنا أحاول ترميم منزلي بعدما دمرته الحرب"، هكذا وصف مسن عراقي يسكن في الموصل القديمة، أوضاع مدينته التي نقل إليها حديثًا.

في العام 2014 سيطر جند الخلافة الإسلامية المزعومة على الموصل القديمة، بدعوى إعلاء كلمة الله في الأرض، وتطبيق شريعتهم البالية، فحولوا المدينة إلى أكوام رماد.

بعد زوال حكم داعش، أصبحت طامة المدينة الكبرى، تكمن في الجثامين التي لم يجد من ينتشلها من تحت الأنقاض. وبرغم إعلان محافظ نينوى نوفل العاكوب، في مايو الماضي، أنه لا توجد أي جثث في الموصل القديمة، لكن جميع المؤشرات والدلائل تشير عكس ذلك.

وشاح أسود

"عشنا ثلاث سنوات عجاف.. وانتشر الجوع والقتل.. وأجبر (داعش) أكثر أهل المدينة على اتباعهم بالقوة وإلا الحرمان من الطعام.. النساء لا تستطعن الخروج من المنازل سوى بصحبة محرم.. أباحوا لأنفسهم كل شيء وحرموه علينا"، هكذا وصف لؤي الموصلاوي، أحد سكان الموصل القديمة، الحياة في ظل تنظيم الدولة الإسلامية المزعوم.

أواخر العام 2014، سيطر تنظيم داعش الإرهابي، بوشاحه الأسود، على الموصل القديمة، ثاني أكبر مدن العراق من حيث تعداد السكان، والتي تبعد عن بغداد العاصمة حوالي 465 كلم.

العقيدة البالية لتنطيم الدولة الإسلامية المزعوم، حولت المدينة على مدار ثلاث سنوات، إلى أرض خربة. واستبدلت "أم الربيعين" هوائها الطيب برائحة جثث الموتى التي تفسخت تحت الأنقاض. وانهارت الآثار القديمة الآشورية والعربية والإسلامية إلى ركام بعدما دمرتها الجماعة الإرهابية.

يقول الموصلاوي، في تصريحات لـ"الزمان"، إن أتباع أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم، اعتادوا اختطاف النساء طيلة السنوات الماضية، واغتصابهن بالقوة، لافتًا إلى أن رجال التنظيم كانوا يتجولون الشوارع بسيارات ماركة "كيا ستاركيس"، كتبوا عليها "جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ليتأكدو من تنفيذ "شرع الله" وفق عقيدتهم، فعلى سبيل المثال، من يجدوده يدخن السجائر يقطعون أصابعه.

"مدينة الأشباح"

غيّر التنظيم الإرهابي ملامح المدينة التاريخية، فحولوا الكنائس إلى سجون، وهدموا ثاني أكبر متحف في العراق كان يوجد في المدينة، وتعاملوا مع الشعب بحد السيف. ومع انتشار الفيديوهات الترويجية لعمليات التنظيم الإرهابي، شعر المجتمع الدولي أن داعش يمثل خطرًا على العالم، فكونت الولايات المتحدة، تحالفًا للقضاء عليه في العام 2015.

وبعد 3 سنوات في ظل التنظيم، تحررت الموصل في العاشر من يوليو 2017، بعدما تمكن الجيش العراقي بمساعدة التحالف الدولي، من السيطرة على أراضيه التي فقدها بسهولة في الماضي.

انتهت سيطرة داعش على المدينة، ولكن لم ينتهي وجوده هناك، فنتيجة للحرب، أصبحت الموصل القديمة أكبر مأوى لجثامين البشر على سطحها، بالدرجة التي أطلق عليها أهلها "مدينة الأشباح".

جثامين متفسخة

"قصفوا بيت جاري، أطلقوا قذائف على منازل مدنيين عزل".. يصف احمد حسيب موظف في دائرة صحة نينوى، ليست ضربات التنظيم الإرهابي، ولكن صواريخ التحالف الدولي، التي أمطرت منازل المدنيين –دون قصد- في بداية عمليات تحرير الموصل القديمة.

القصف وعمليات التحرير، أدت إلى دمار المنازل والمستشفيات والمدارس، وأغلب البنايات في الموصل القديمة، فلم يبق من ملامحها شيء.

في الوقت الحالي، يحيا أهالي الموصل بجانب جثامين اختفت ملامحها، بعدما ظلت عامين تحت الأنقاض.

أوضح حسيب، المواطن الموصلي، في تصريحات لـ"الزمان": "أن داعش دمر المجمع الطبي في الموصل، الذي يعود إلى 1938م ، وكان يحتوي على سراديب تحت الأرض، حولتها القوات الإرهابية إلى سجون".

وتابع، "أثناء المعارك والحرب ضد القوات الإرهابية، دكت البنايات فوق رؤوس الجميع، سواء من الإرهابين، أو من المدنيين، الذين لم تعرف المؤسسات الحكومية المعنية عددهم بالضبط، فلا توجد إحصائية تقريبية للمدينة، لا للأحياء أو المفقودين والأموات".

كشف النائب العراقي، شيروان دوبرداني، 16 فبرايرالماضي، الأزمة في تصريحات صحفية، بعدما أطلق صافرة إنذار، تحذر من انتشار الأمراض نتيجة تحلل الجثث تحت الأنقاض.

وقال البرلماني دوبرداني، في تصريحات لـ"الزمان"، إنه تلقى مناشدات واتصالات من أهالي الموصل في الجانب الأيمن للمدينة -الأكثر تضررًا- طلبوا مساعدته لانهاء معاناتهم مع الأمراض المنتشرة في المنطقة.

وتابع، "أن هناك أمراض جلدية على رأسها الجرب، ظهرت في المدينة مؤخرًا بسبب غياب الرعاية الصحية وسوء التغذية وشح المياه، فضلًا عن تراكم جثث قتلى الحرب تحت الأنقاض، فتفسخت ما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة والأمراض، والقوارض والحشرات الزاحفة الناقلة للأمراض".

"اللشمانيا والجرب"

بحسب تقديرات الأهالي، تحتوي الموصل القديمة على حوالي 4000 جثة، وذلك وفقًا لما ذكره الأمين السورجي، مساعد طبي في مستشفى الجمهوري التعليمي، الذي أكد أن مرض الجرب بدأ يتفشى بين سكان المدينة، ووصلت الحالات إلى 610، نتيجة تحلل اختلاط بقايا الجثامين بمياه نهر دجلة.

في المقابل، أكد سيد صفوان الجرجري نائب عن محافظة نينوى، أن بقاء الجثث المتحلله تحت الانقاض في الموصل، وخاصة في الجانب الأيمن للمدينة يؤدي إلى انتشار الأمراض الوبائية، أشهرها "حبة بغداد"، أو ما يسمى طبيا بـ"اللشمانيا"، حيث تتغذى الذبابة على الجثث المتحلله، وتنقلها للمواطنيين.

ونوه في تصريحات لـ"الزمان" أنه يجب الانتظار حتى يظهر التقرير الطبي، موضحًا أن انتشار حالات الجرب، غيرصحيحة، ويندرج تحت نوع من "التهويل الإعلامي".

وكشف أن الأعداد المثبته في دائرة صحه نينوى في الجانب الأيمن من الموصل 44 حالة، ولا يرجع سببها إلى الجثث المتفسخة الموجودة تحت الأنقاض، ولكن قلة الخدمات والماء وتجمع القذارة كان السبب.

فيما قال السورجي، إنه "يوجد حي صحي في منطقة الرسالة استلم 110 جثة، ومركز صحي الشبخون استلم 124 حالة مصابة بالجرب، بينما سنجار 44 حالة، والقيارة 33 حالة".

وأكد أهالي الموصل، أن تحلل جثث ضحايا الحرب، تسببت في انتشار الامراض بينهم خاصة مرض الجرب، فضلًا عن تلوث المياه الشحيحة بشكل أساسي في المدينة التي تطل على نهري دجلة والفرات. وأوضح بعضهم، أن الجثث التي كانت متواجدة خارج الأنقاض، انحدر عدد كبير منها إلى النهر فأصبحت المياه ملوثة بدماءها وبمخلفات الحرب.

كرافانات علاجية

الخدمات شحيحة وتكاد تكون معدومة في مدينة الموصل القديمة. وبحسب التقديرات الرسمية، فإن مستشفيات الموصل تدمرت نتيجة الحرب بنسبة تتعدى 80%، ووصل في عدد كبير من المراكز الصحية إلى 100%، أعيد تأهيل 3 مستشفيات منها في الجزء الأيسر من الموصل وهو الأقل تدميرًا، أما الجانب الأيمن فيعمل بعضها في كرافنات بديلة لحين إعادة بنائها من جديد، وتعاني من نقص في الأدوية.

يقول الأمين السورجي "قبل الحرب كانت المستشفى التي أعمل بها، تتكون من 14 ردهة و365 سرير. والآن بعد تدميرها بالكامل، لدينا 50 سرير فقط، ونعمل في كرفانات لكافة الأقسام".

رفع الجثامين

النائب سيد صفوان الجرجري، يقول إن عملية رفع الجثامين مسؤولية وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المحليه والدولية المسؤوله عن رفع الانقاض، للتعامل مع الجثث بطريقه علميه وصحية.

الأزمة في التخلص من الأنقاض في الموصل القديمة تتمثل في كونها كثيرة، ومعقدة، بسبب الأزقة والشوارع الضيقة، والعديد من البنايات والدور والأماكن التاريخية المتهدمة، والجهود الدولية بطيئة وغير كافية.

المنظمات المدنية والمتطوعين، حاولوا إزالة الجثث المترامية تحت الأنقاض، رغم أن العديد من المنازل مفخخة.

ودربت سرور الحسيني، ممرضة ومؤسسة فريق السرور التطوعي، مئات الأفراد؛ لانتشال الجثامين، مؤكدة أنهم استطاعوا رفع أكثر من 1000 منها خلال خمسة أشهر، إلا أن محافظ نينوى أوقف العمل دون مبرر.

في المقابل، اتهم محافظ نينوى نوفل العاكوب، سرور الحسيني وفريقها بعدم الحصول على إذن قانوني للعمل في تلك المناطق.

سرور الحسيني وفريقها ممنوعين في الوقت الحالي من العمل بسبب قضية رفعها المحافظ نوفل العاكوب ضدها، حيث تواجه الناشطة المدنية، تهمة المتاجرة بجثث الموتى وبيعها للخارج.

يقول ليث الراشدي، صحفي عراقي، إن الصحفيين ممنوعين من التصوير بأمر من المحافظة، والمخالف يتم القبض عليه فورًا.

جاء حظر التصوير، بعد أزمة قناة الموصلية المعارضة مع المحافظة، عندما أصدر نوفل العاكوب، قرارًا لكل الهيئات بعدم التعامل مع القناة ومنعها من التصوير لأسباب مالية حسب ما أوضح مكتبه، وهو ما أدى إلى تعميم قرار بضرورة استخراج تصاريح قبل التصوير في المنطقة.

موضوعات متعلقة