رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

«الليدوكايين» قاتل يغزو بيوت المصريين

بعد إدراج عشرات الأدوية "جدول مخدرات"

"الليدوكايين".. القاتل الجديد المُصنّع شعبيًا بالمنازل

المادة الفعالة متواجدة بأكثر من 20 صنفًا دوائيًا.. يستخدم فى علاج آلام البواسير واضطراب نبضات القلب

متعافٍ من الإدمان: يتم خلط المادة الفعالة مع بودرة بيضاء واستنشاقها.. وتصيب المدمن بنوبات صرع على المدى القصير

خبراء: تُصنّف ضمن المخدرات الشعبية وتدمر خلايا المخ وتخلق للمدمن عالمًا افتراضيًا.. ويتم خلط المادة الفعالة بالهيروين لزيادة التأثير

 

"كانت الساعة تشير إلى الرابعة فجرًا، حينما استنشق الشاب العشرينى سيجارة ملفوفة وكانت تجربته الأولى برفقة بعض أصحاب السوء، ليدخل على إثرها فى غيبوبة استمرت ساعات، ليجد نفسه داخل استقبال مستشفى أشمون العام، ولولا تدخل فاعلى الخير لتم تحرير محضر تعاطى مادة الليدوكايين المخدرة".

تنافست وما تزال تتنافس العصابات التى تتاجر بالشباب سعيًا وراء المكسب الحرام على ابتكار أنواع وأصناف جديدة من المخدرات غير مدرجة لدى الحكومة كمواد مخدرة، وبالتالى لا تستطيع أجهزة التحاليل الكشف عنها، خاصة إن تلك الأصناف ليست من عائلة مخدر "الترامادول"، فكانت مادة "الليدوكايين"، واحدة من تلك المواد التى يستعملها المرضى مسكنًا موضعيًا للآلام، خاصة فى أمراض البواسير واضطراب نبضات القلب وغيرها من الأمراض التى تستوجب مسكنًا موضعيًا، ولأن المادة الفعالة يجب أن تأخذ شكلًا غير السائل حتى يتمكن المتعاطى من إدمانها، ابتكرت تلك العصابات الحيل الجديدة، ومنها إضافة تلك المادة على عشب "البردقوش"، وتدخينها، وآخرون يسكبون المادة السائلة على بودرة طبية وتجميدها وتناولها على شكل أقراص أو استنشاقها، وغيرهم يضيفونها على "الهيروين"، بحسب كلام الخبراء ممن تواصلوا معهم لمعرفة حقيقة تلك المادة الجديدة والتى تستخدم أيضًا فى تخدير "النخاع" أثناء إجراء العمليات الجراحية.

"كانت ليلة سوداء لم يطلع لها نهار وكانت الليلة الأخيرة التى جمعتنى بصحبة السوء"، بتلك البداية تحدث "ج.ح"، صاحب الواقعة التى ذكرناها فى السطور الأولى من التحقيق، ويقول لـ"الزمان" : إنه لم يسبق لى أن دخنت سيجارة ولكن تلك الليلة التف حولى مجموعة من الأصحاب وكنا فى الطريق نحو المنزل بعدما انتهينا من حضور "حفل زفاف"، شقيق أحدهم، وكنت أتابع المشهد من بعيد حينما أخرج أحد أصدقائى لفة لعشب أخضر، وقام بإخراج "بخاخ"، صغير الحجم من الجيب الآخر، برش ذلك العشب بواسطة تلك البخاخة، وبعدها قام بلف السيجارة، وأمام محاولاتهم المستميتة لتناوب نفس من السيجارة وافقت وقلت فى نفسى "نفس واحد لن يضر"، ولم أعرف أنه سيكون النفس الأول والأخير، فبعد ثوانٍ معدودة فقدت الوعى تمامًا وقد حملنى أصدقائى إلى منزل والدى وأخبروه بأننى تعرضت لهبوط نتيجة عدم تناول أى طعام، ومع استمرار حالتى على هذا السوء أخذنى شقيقى الأكبر ووالدى إلى المستشفى وهناك عرف الطبيب أن أحدهم أعطانى سيجارة مخدرات.

وتابع، سألنى الطبيب فى اليوم التالى بخصوص تناولى أى أنواع أدوية تحتوى على مادة "الليدوكايين"، وكانت الإجابة بالنفى، فأنا لا أعرف اسم المادة ولم يسبق لى التعرف عليها، وبعد أيام عرفت من صديقى أن تلك البخاخة التى أخرجها صديقنا من جيبة هى عبارة عن بخاخة بنج موضعى يتم استعماله لعلاج البواسير بشكل مؤقت وقد انتشرت بين الشباب، حيث يتم إضافتها على أى نوع من أنواع المخدرات لكى تزيد من تأثيرها.

 

مدمن متعافٍ: الليدوكايين مخدر شعبى شرس

"المخدرات تصنع بالمنزل وأغلب المتعاطين يطبخون الخلطة لأنفسهم، والبركة فى شركات الأدوية". بتلك العبارة بدأ "إسلام الروينى" حديثه، وهو أحد المتعافين من تعاطى مخدر الترامادول، ويقول: بعد إدراج مخدر الترامادول على جدول المخدرات قبل سنوات ظهرت أنواع أخرى من نفس الفصيلة وكانت تظهر النتيجة إيجابية فى تحليل المخدرات ولأن هذا المخدر يساعد على الاستيقاظ لساعات والتركيز وهذا اعتقاد خاطئ لدى المتعاطين ولن يشعروا به إلا بعد التعافى، كان لا بد من البحث عن بدائل أكثر أمانًا فكان مخدر "البريجابالين"، والذى يعالج الصرع وسيلة آمنة ولكن تم إدراجه جدول مخدرات. فأصبح الأمر أكثر تعقيدًا فكان الحل أن يتم تصنيع مخدر جديد غير مرصود أمنيًا وسهل التداول.

وأضاف أنه يوجد فى 20 صنفًا دوئيًا مادة "الليدوكايين" الفعالة، وهى موجودة بنسب، فمثلًا: موجودة بنسبة 2% لمرهم الأطفال الذى يخفف آلام التسنين وهى نسبة ضئيلة، بينما يتواجد بنسبة 5% تركيز داخل حقنة البنج النخاعى، وهذه أمور معروفة للمدمنين، حيث يتم شراء تلك الأمبولات وهى متوافرة بالصيدليات وتباع دون رقابة وبعد الحصول عليها يتم سكب السائل على أعشاب طبيعية، مثل: "البرداقوش" أو "النعناع"، بعد أن يتم تجفيف المادة بشكل كامل ومن ثم يتم لفها على شكل سجائر أو تناولها على شكل بودرة بعد إضافتها للهيروين.

وحول انتشار تلك المادة الفعالة فى أوساط المدمنين، يؤكد الروينى، أنها  منتشرة بشكل يجعلها ظاهرة وبعض الصيادلة الذين باعوا ضمائرهم للشيطان يمتلكون معامل لخلط تلك المادة ببعض الأدوية الأخرى لكى تمنح نفس تأثير الترامادول، بينما نجد الآن الغالبية من تجار المخدرات تحولوا الى منتجين ومصنعين للمخدرات الشعبية، مثل: "الفودو" و"الاستروكس". ومن وجهة نظرى، فإن تأثير "الليدوكايين"، يجعله الأشرس بين كل المكونات الأخرى فما بالك وأنت تتعاطى بنجًا صافيًا فتكون النتيجة إما دخولك فى نوبات صرع أو توقف عضلات القلب، وحسب اعتقادى فإن تلك المادة مجهولة على وزارة الصحة وغير معروفة لدى الأجهزة الأمنية، إنها تستعمل كمخدر شعبى.

 

خبراء: تدمر خلايا المخ وأشبه بمخدرات الحرب

الدكتور ميخائيل مجدى "صيدلى"، يوضح أنه ظهرت بعض أنواع المخدرات خلال الفترة الأخيرة تجعل صاحبها يشعر بأنه بطل المعركة وقادر على قتل 100 رجل بضربة واحدة، وكم من المقاطع المصورة رأيناها لأشخاص قتلوا آخرين وأكلوا أمعاءهم وهم تحت تأثير تلك المخدرات التى من بينها مخدر "الليدوكايين"، وهو متواجد بعدد كبير من العقاقير الطبية بنسب متفاوتة، ومن المرجح إن بعض الأفراد تمكن من تطوير استخدامه بواسطة كيميائيين أو بشكل عشوائى وهنا تكمن الخطورة، حيث يتم إضافة تركيز عالٍ من المركب الدوائى على أى نوع من أنواع المخدرات سواء "الحشيش أو البانجو وربما نباتات خضراء مجففة"، ويتم تدخينها أو الأخطر من ذلك أن يتم استنشاقها للحصول على تأثير أعلى بعد أن يتم سكب السائل على بودرة قد تكون هيروين أو اسبرين مطحون، والنتيجة إما وفاة المتعاطى على الفور أو دخوله فى نوبة صرع، أما إذا كان المتعاطى له تاريخ طويل مع الإدمان يدخل فى عالم افتراضى يرى أشخاصًا غير موجودين ويتحدث إليهم ويتحدثون إليه.

وتابع، تأثير مخدر الليدوكايين هو نفس تأثير البنج على المريض بعد العملية الجراحية، لكن فى الحالة الثانية يكون طبيب التخدير مسئولًا عن إفاقة المريض، أما فى حالة المتعاطى فالنتيجة غير معروفة مثلما ذكرت.

يلتقط الدكتور تامر عزت، "طبيب تخدير"، طرف الحديث، قائلًا: الليدوكايين مصنف ضمن الأدوية النموذجية لمنظمة الصحة العالمية ومجدول بالرقم "1" بين الأدوية، وهو ينتمى إلى مجموعة الأدوية التى تسمى بالمخدر الموضعى، حيث يتم وضعه أثناء العمليات الجراحية بالعين فيؤدى إلى تخدير وفقدان للشعور، حيث يعمل على منع الإشارات عند النهايات العصبية فى العين.

وأضاف أنه يوجد فى عدد من الأدوية والمستحضرات الطبية المادة الفعالة لليدوكايين وتركيبها مع مواد أخرى غير المدرجة بقوائم منظمة الصحة العالمية، مثل: إبينيفرين (أدرينالين)، يؤدى الى نتائج كارثية غير محمودة العواقب، وبشكل عام أؤكد بجميع المحافل التى أحضرها وبسبب ظهور مخدرات شعبية يومًا بعد الآخر بأن هناك مؤامرة تحاك ضد شباب مصر، خاصة إن المادة الفعالة تؤدى إلى تدمير خلايا المخ ولا أعرف إلى أين تقودنا تلك المخدرات.

واستطرد طبيب التخدير، منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، سبق لها التحذير من حصول الأطفال من سن عامين إلى أربعة على مخدر الليدوكايين الموضعى وذلك لتسببه فى نوبات إغماء نتيجة بلعهم للمادة الهلامية المسكنة لوجع اللثة.

من جانبه، حذر اللواء مصطفى المنشاوى، الخبير الأمنى، من انتشار المخدرات بالشكل الذى تابعناه جميعًا قبل أيام على مواقع التواصل الاجتماعى وظهور فيديو لشباب يشترون مخدرات بمنطقة المنيب ورغم عدم تأكد الأجهزة الأمنية من حقيقة الفيديو لكن لا ينكر أحد انتشار "الديلر"، بشوارع القاهرة وهم شباب لم تتجاوز أعمارهم الـ20 عامًا، يروجون لأصناف وأنواع من المخدرات كثيرة ليس لها حصر، وبالنظر إلى تاريخ الضبطيات سنجد أن رجال الموانئ قد ألقوا القبض قبل عام على شحنة مخدرات ضمت 6 أطنان من مخدر الحشيش قادمة من تركيا وقبلها 1.6 طن من نفس المكان، وهو ما يجعلنا نشير وبقوة إلى أن هناك مؤامرة مكتملة الأركان ضد الشعب المصرى والشباب على وجه التحديد.

وأضاف أنه حان الوقت لخروج المتخصصين فقط فى مجال مكافحة الإدمان والاستعانة بالمشاهير. فقد رأينا نجاح حملة "أنت أقوى من المخدرات"، للاعب الدولى محمد صلاح، وقيام هؤلاء المشاهير بحملات توعية للشباب بمخاطر تلك المخدرات.

 

 

موضوعات متعلقة