رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

نكشف خطورة المضادات الحيوية فى تسمين الحيوانات والطيور

حظرت إدارة الغذاء والدواء FDA، أوائل عام 2017، استخدام المضادات الحيوية البشرية لأغراض زيادة تسمين وسرعة نمو الحيوانات والطيور وفرضت على المزارعين ضرورة الحصول على وصفة طبيب بيطرى لاستخدام تلك المضادات الحيوية وعلى الرغم من أنه يبدو كأنه تم إحراز تقدم فى هذا الاتجاه، إلا أن هناك ثغرة تتمثل فى أن المزارعين يبررون استخدام المضادات الحيوية "للوقاية من الأمراض" وليس "تحسين الإنتاج"، ومن ثم يمكنهم الاستمرار فى استخدام المضادات الحيوية، بغض النظر عما إذا كانت الحيوانات تبدو مريضة، أو تظهر عليها أعراض أى مرض، ولأن التجربة بدأت منتصف القرن الماضى واثبتت فاعليتها فى اكساب الحيوانات والطيور مزيدا من الوزن انتشرت فى المنطقة العربية استعمال تلك المضادات الحيوية البشرية وفى مصر على وجه التحديد لجأت مزارع لتربية الطيور والحيوانات المعدة للذبح إلى استعمال تلك الأدوية بغض النظر عن آثارها الجانبية وسط غياب للرقابة وعدم وعى طالما كان الربح مضمون فى ضوء ارشادات خاطئة يتلقوها من شركات ادوية بيطرية تعمل بنظام "بير السلم".

الدكتور هانى فاروق "طبيب بيطرى" يقول لـ"الزمان": مزارع لتربية الماشية بقصد التثمين والذبح واخرى للطيور بمختلف أشكالها بداية من الدجاج الأبيض وصولاً إلى النعام والرومى يتم استعمال المضادات الحيوية كنوع من الوسائل المساعدة على زيادة وزن الماشية والطيور خلال فترة زمنية لا تتعدى الـ45 يوما للطيور وللحيوانات الأخرى من ثمانية شهور وحتى العام، وقد تم حظر استعمال المضادات الحيوية البشرية على وجه التحديد والتحذير من استعمالها خاصة أن سوء استخدامها فى الحيوان أدى إلى انتقالها من خلال اللحوم والألبان والبيض، فالأطفال يتناولونها وبالتالى تم منعها فى الاستخدام البيطرى، لافتا إلى أن عدم إحكام الرقابة على الدواء البيطرى، ساعد فى استخدام البعض لمنشطات النمو المخصصة لحيوانات السباق كالحصان، والكلاب، لتسمين الحيوانات لزيادة وزنها بشكل سريع، رغم التأكيد على استخدامها بضوابط، وعدم استخدامها فى الحيوانات التى يتم استخدامها كغذاء، لأنها قد تساعد على تنشيط بعض السرطانات، وتساهم فى حدوث ظواهر "أنثوية" للذكور، وضرر للإناث، بالنسبة للإنسان.

وأضاف، بعض الأدوية تستخدم بشكل خاطئ، فمن المفروض أنه بعد حقن الحيوان بمضاد حيوى يتم حظر استخدام اللبن الخاص به للإنسان، لاستمرار وجود متبقيات الدواء والتى تظل موجودة باللبن، ومع تراكم تلك المتبقيات فى جسم الإنسان تشكل أجسام مناعية ضد الدواء، وفى حال حصول المريض على دواء للميكروب لا يتأثر به، مشيرة إلى أن المربين أحيانا يتجهون إلى مراكز بيع الأدوية للحصول على وصفات أو علاج دون إلمامهم بطرق علاج الحيوان بها، موضحًا أن هناك تقريبا 4 آلاف و700 قرية على مستوى الجمهورية، يتبع لهم 28 ألف عزبة، يمثلون 80% من الثروة الحيوانية والداجنة فى مصر، ومسئول عنهم صغار المربين، وبالتالى لا بد من تغطية كل تلك المناطق بالخدمات البيطرية، خاصة أن أكثر من نصف القرى لا يوجد بها وحدات بيطرية، أو أطباء بيطريين، لذا لابد من عمل دراسة دقيقة لمعرفة الأعداد المطلوبة لتغطية العجز فى الأطباء البيطريين، حفاظا على صحة المواطنين.

فيما كشف الدكتور منير فتح الله "طبيب بيطرى" عن خطورة المضادات الحيوية المستخدمة مع الحيوانات، قائلاً: إنه لا يوجد أى خطورة من الأدوية التى يتم حقنها للحيوانات، عدا المضادات الحيوية، أى دواء أخر فهى أغلبها معادن ومقويات وفيتامينات، وأملاح معدنية، وينعكس إيجابيا على صحة الإسنان، لكن المضاد الحيوى له فترة انسحاب من جسم الحيوان، مثل الإدمان وانسحابه من الدم، وذلك تبعا لقوى كل نوع من المضاد الحيوى، مما يسبب ضرر لجسم الإنسان، مثل تقليل مناعته، لحقنه بمادة ليس فى حاجة لها، كما أن هناك أدوية تضر بخلايا المخ، ومن ثم على أداء الجسم كاملا، لافتا إلى ضرورة إجراء كشف دورى من جانب الأطباء البيطريين على الحيوانات بالمزارع، مع التشديد على وجود طبيب بيطرى فى كل مزرعة باختلاف أنواعها "أبقار، جاموس، دواجن"، لضمان عدم وصول الأغذية بالمتبقيات للمواطنين، خاصة أننا نعانى من أن هناك أمراض يتم الاستعانة ضدها بلقاحات وأدوية تحتاج إلى فترات انسحابية كبيرة.

واستطرد، من خلال الوحدات البيطرية على مستوى المحافظات يمكن تقسيم المزارع الموجودة فى حيز الوحدة البيطرية وتوزيعها على الاطباء ليتم الكشف على الحيوانات داخل المزارع لبيان حصولها على مضادات حيوية بشرية من عدمه وذلك حفاظًا على صحة الأطفال والكبار، مشيرًا إلى هناك قانون يلزم المزارع بتعيين طبيب بيطرى بها، لكن المزارع لا تلتزم، حتى أصبح لا يوجد عدد كافى من البيطريين، للإشراف عليها لضمان الغذاء الأمن للإنسان، وأخر تعيين تم للبيطريين كان فى عام 1994، منذ ذلك التاريخ لم يتم تعيين طبيب بيطرى واحد، رغم استمرار خروج البيطريين على المعاش دون إحلال غيرهم، مما ينذر بمشكلة كبيرة فى الفترة المقبلة، وبالتالى فأن كل حل الأزمة هو تعيين بيطريين، وعلى الجميع أن يدرك ذلك.

سوق المضادات الحيوية

ولأن الحصول على المضادات الحيوية البشرية والتى يقدمها اصحاب مزارع إلى الحيوانات من أسهل ما يكون، فكانت النتيجة انتشار اطنان من اللحوم الملوثة بالمضادات الحيوية.

وفى هذا السياق، يقول الدكتور باسم محمد "استشارى الجهاز الهضمى والكبد": هناك أعراض جانبية على المدى القصير وأخرى بالمدى الطويل نتيجة تناول الحيوانات والطيور المحقونة بالمضادات الحيوية، ومنها إصابة بعض الأشخاص بالحساسية، وقد تتحول المضادات الحيوية داخل جسم الحيوان إلى مواد أكثر خطورة وسُمّية نتيجة لاستخدام أكثر من نوع فى وقت واحد مما يؤدى إلى تفاعلها مع بعضها وإنتاج مواد سامة تؤثر على صحة الإنسان عند التغذية على اللحم أو البيض، ونتيجة التشابه فى المادة الفعالة بين المضادات الحيوية المستخدمة فى الدواجن والإنسان فينتج عن ذلك اكتساب الجراثيم التى تصيب الإنسان مناعة ضد تلك المضادات الحيوية وبذلك تقل أو تنعدم فعاليتها لعلاج بعض الأمراض والحالات الخطيرة التى قد يتعرض لها الإنسان.

وتابع، يمكن أن يسبب وجودها فى الغذاء ولفترات طويلة تكوين بعض الأورام والسرطانات بجسم الإنسان وكذلك بعض الطفرات وتشويه للأجنة، تؤثر على التوازن الجرثومى بفلورا الأمعاء للإنسان مما تنتج عنه الإصابة ببعض أمراض الجهاز الهضمى، ظهور عترات جديدة من الجراثيم مما يعوق تشخيص الأمراض من حيث الأعراض والعلاج.

وحتى نتجاوز تلك الأزمة الخاصة بالحيوانات والطيور، يقول الدكتور سعيد خليل "طبيب بيطرى": هناك روشته يجب اتباعها فى ظل غياب الرقابة على المزارع والتوسع فى استعمال المضادات الحيوية، ومنها مراعاة مرور فترة مناسبة على تناول المضادات الحيوية قبل الذبح لإعطاء الجسم الفرصة المناسبة للتخلص من آثارها وبقايا السموم الناتجة عنها، التأكد من إعطاء الجرعات المناسب حسب الغرض من المضاد الحيوى كعلاج أو للوقاية أو محفز للنمو والتأكد من تاريخ صلاحيتها، ضرورة الكشف فى المجازر عن وجود المضادات الحيوية وذلك عن طريق تطبيق نظام الكشف الروتينى للدواجن قبل الذبح وأخذ عينات وفحصها بعناية.

وتابع، الحذر من استخدامات منتجات الدواجن الثانوية كالجلد والدهن والكبد والقونصة غير معلومة المصدر حيث أن هذه المنتجات وخاصة الكبد الذى يعتبر مخزناً لهذه السموم، إجراء المعاملة الحرارية المناسبة للدواجن عند الطهى للتخلص ولو نسبياً من بقايا المضادات الحيوية التى تتكسر بالحرارة، تجنب استخدام مرق الدجاج المصنع من لحوم دواجن غير معلومة المصدر، يفضل عدم طهى كبد الدجاج مع الدجاجة فى إناء واحد حتى لا تنتقل الملوثات إلى جسم الدجاجة، كذلك لا بد من تشديد الرقابة الصحية والدورية على مزارع الدواجن، وعدم السماح بالاستخدام العشوائى لمنشطات النمو والمضادات الحيوية فى مزارع الدواجن، وتجريم استخدام الهرمونات الاصطناعية فى المزارع.

وعن استعمال المضادات الحيوية بالمزارع والنسبة المسموح بها، يقول "عمر القاضى" صاحب مزرعة: المضادات الحيوية تستخدم فى مزارع الدواجن لهدفين إما بهدف علاجى أو كمنشط نمو، فإذا تم استخدامها علاجياً بالشكل والجرعة السليمة فإنها تقضى على الميكروبات، وبالتالى تمنع العدوى بشكل سريع وكامل وتحسن من إنتاجية الطيور، أما استخدامها على الوجه غير الصحيح فستصبح نقمة نتيجة تكون سلالات من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، علاوة على ما يتكبده المربى من خسائر نتيجة استمرار النفوق وخسارة الإنتاج، لذلك يجب مراعاة استخدام المضادات الحيوية بالصورة المناسبة حتى تعم الفائدة ونحقق أفضل منتج بأعلى أمان بما يسمح بتطور صناعة الدواجن، وهذا يعنى أن استخدام المضادات الحيوية فى العلاج عند الضرورة هو أمر حتمى لا يمكن تجاهله سواء فى مصر أو على مستوى العالم لما لها من أهمية خاصة فى المحافظة على الحالة الصحية للطيور وبالتالى تعظيم الإنتاجية.

أما استخدامها بتركيزات منخفضة غير علاجية كمنشط نمو فقط بهدف رفع الكفاءة الإنتاجية فهو "مرفوض" على كل المستويات لما له من أضرار جسيمة على الصحة العامة للإنسان والبيئة المحيطة ولذا فقد تم حظر ذلك على مستوى كل الدول المتقدمة.