رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

تقارير

الحرب في أوكرانيا.. أشهر صراع بين موسكو والغرب

أجواء تشبه إلى حد ما فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، إذ يبعث تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا على مخاوف العالم بأسره من نشوب حرب عالمية ثالثة تنتج عنها كارثة إنسانية.

وبعد أيام من الترقب، ورغم التحذيرات الغربية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الاثنين الماضي، الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، مؤكدا أن أوكرانيا جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا.

وأكد مراقبون، أن بهذا الاعتراف ستترتب أمور كبيرة أهمها التهديد الأمني الذي قد تمثله موسكو على أوكرانيا، والذي قد يصل إلى الدخول العسكري.

وإثر الإعلان التاريخي للرئيس الروسي، توالت ردود الفعل الغربية، إذ قال البيت الأبيض، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيصدر أمرا تنفيذيا قريبا، يحظر الاستثمار والتجارة والتمويل الجديد من قبل الأمريكيين إلى أو من أو في المنطقتين الانفصاليتين بشرق أوكرانيا.

وأعلن قادة أوروبيون، أن الاتحاد الأوروبي سيرد بحزم على اعتراف بوتين بمناطق الانفصاليين شرقي أوكرانيا.

ومن جهته، قال ممثل الشئون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، إن خطوة بوتين تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ووحدة أراضي أوكرانيا واتفاقات مينسك.

ومن جانبه، شدد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، على أن اعتراف روسيا باستقلال الجمهوريتين غير المعترف بهما دوليا يشكل انتهاكا صارخا لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها.

ومن ناحيته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إنّ اعتراف روسيا باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، يشكّل انتهاكاً لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها.

الموقف الإسرائيل

وفي سياق منفصل، تقول الباحثة في الشأن الإسرائيلي - الفلسطيني في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتورة هبة شكري، لجريدة «الزمان»، إنه في ظل احتمالات حدوث تصعيد روسي أوكراني تبنّت إسرائيل موقفًا رسميًا محايدًا يهدف للحفاظ على علاقات جيدة مع كافة الأطراف تجنبًا لأية خسائر قد تهدد مصالحها الاستراتيجية.

وتقول الدكتورة هبة شكري، إن إسرائيل تتمتع بعلاقات فريدة مع كل من موسكو وكييف وواشنطن، وبعد تصاعد حدة الأزمة الروسية الأوكرانية زاد يقين إسرائيل أن حدود أوروبا من الأمور التي يجب أن تقررها القوى الكبرى.

وأوضحت أنه في ظل عدم وجود مصالح واضحة يمكن أن تجنيها من التدخل في الصراع الدائر، فإن نأيها بنفسها عن المعركة وتبني موقفًا محايدًا كان الحل الأمثل للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية التي تعتمد في تحقيقها على كل أطراف الأزمة.

وأشارت إلى أن العلاقات الروسية - الإسرائيلية عميقة، وتطورت بشكل كبير على مدار السنوات الماضية، لافتة إلى أن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، زار موسكو 17 مرة في الفترة بين عامي 2009 و2020، منوهة بأنه في عام 2017، اعترفت حكومة بوتين بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل.

وأضافت الباحثة في الشأن الإسرائيلي: «في الوقت الذي زادت فيه عزلة روسيا عقب ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، لم تدين إسرائيل هذا العمل وكان دبلوماسييها غائبين بشكل واضح خلال تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2014 الذي أدان تصرفات روسيا، كما أنها لم تفرض عقوبات أو تطرد أي دبلوماسي روسي، على الرغم من ضغوط الغرب للقيام بذلك، وهو ما يؤكد خصوصية العلاقات فيما بين الدولتين».

وأكدت أن إسرائيل في حاجة للحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا التي تنتشر قواتها على الحدود الإسرائيلية في سوريا، والتي تسمح لإسرائيل بتوجيه ضربات للأهداف الإيرانية المتمثلة في «حزب الله» داخل سوريا، لذلك فمن الضروري للحفاظ على أمن إسرائيل أن تبقي خطوط الاتصال مفتوحة مع موسكو.

في المقابل، كشفت الدكتورة هبة شكري، أن إسرائيل لديها علاقات جيدة مع كييف، حيث زار الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في ديسمبر الماضي بمناسبة 30 عامًا من العلاقات بين إسرائيل وأوكرانيا، وقام بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، كما تم الاتفاق على فتح مكتب للسفارة خلال العام الحالي.

وذكرت الباحثة في الشأن الإسرائيلي، أن رد فعل إسرائيل على التصعيد الروسي الأوكراني منذ بدء الأزمة وحتى الآن، جاء في عدة تحركات:

أولا: بدء إجلاء يهود أوكرانيا، إذ أعلنت إسرائيل عن سعيها إلى إجلاء أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين من أوكرانيا ‏حال تصاعد التوتر، وأكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن هناك حوالي 4500 إسرائيلي مسجلين في السفارة ‏الإسرائيلية في أوكرانيا‎.

وكانت شركات الطيران الإسرائيلية قد قامت برفع عدد رحلاتها إلى أوكرانيا للمساعدة في الإخلاء.

ثانيا: تبني الصمت على المستوى الرسمي، فبعد اندلاع الأزمة، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، تعليمات إلى الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين بعدم التعليق على التقارير بخصوص حشد روسيا للقوات على الحدود مع أوكرانيا تمهيدًا لغزو محتمل.

ثالثا: رفض تزويد أوكرانيا بمنظومة القبة الحديدية، إذ طلبت أوكرانيا الحصول على القبة الحديدية بعد أن روجت إسرائيل لها، خصوصًا بعد الحرب الأخيرة على غزة في مايو الماضي، فتوجهت إلى إسرائيل رسميًا بطلب الحصول عليها؛ ولأن منظومة القبة الحديدية، تُعد مشروعًا مشتركًا مع البنتاجون الأمريكي، ولا يسمح الاتفاق بين الطرفين ببيع المنظومة لدولة ثالثة دون موافقة مشتركة، فقد انتظر الإسرائيليون جوابًا من واشنطن، لكن الولايات المتحدة أبدت تفهمًا لبيعها إلى كييف وأعادت الكرة إلى الملعب الإسرائيلي، بيد أن الرفض الأمريكي جاء قبل التهديد الروسي لأوكرانيا، لكن الرفض الإسرائيلي جاء بعده.

رابعا: سحب الدبلوماسيين الإسرائيليين من أوكرانيا، فعقب بدء التصعيد بين موسكو وكييف، أعلنت إسرائيل، أنها سحبت دبلوماسييها وعائلاتهم من أوكرانيا.

الجدير بالذكر أن الخلاف اندلع بين كييف وموسكو منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، وتبع ذلك اندلاع حرب في شرق أوكرانيا مع الانفصاليين الموالين لروسيا الذين يعتبر الكرملين الراعي العسكري لهم بالرغم من نفي موسكو.

موضوعات متعلقة