رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

عادل عامر: حماية المستهلك في ظل الاقتصاد الحر

عادل عامر
عادل عامر

مسايرة للعولمة الاقتصادية تبنى المشرع المصري نظام اقتصاد السوق الذي يرتكز أساسا علىمبدأ حرية المنافسة الذي يؤدي إلى تحقيق الجودة وتحسين الخدمة ووفرة الإنتاج وتخفيض الأسعار وبالتالي تحسين المستوى المعيشي للمستهلك.

ورغم ما تحققه المنافسة في ظل هذا النظام منتحرير للسوق و توفير للسلع إلا أنها تنطوي على عدة مخاطر على صحة و أمن المستهلكالذي يعد الطرف الضعيف في العقد الاستهلاكي.

فإن مبادئ الاقتصاد الحر ألا تتدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية الحاصلة على أرضها وأن تتركالأسواق تضبط نفسها بنفسها، فهذا يعني أن هذه الدولة تعتمد على مبادئ النظامالاقتصادي الحر، وإضافة إلى ذلك

فإن ما ستقومبه دولة الكويت هذا الأسبوع بعقد ملتقى الكويت للاستثمار الذي تنظمه هيئة تشجيعالاستثمار المباشر في ظل سعي الدولة لتشجيع الاستثمارات المحلية والخارجية من خلالتعزيز بيئة الأعمال وتفعيل دور القطاعات المعنية بدعم العملية الاستثمارية عبر خلقبيئة تواصل إيجابية بين المؤسسات المعنية بالعملية الاستثمارية في القطاعين العاموالخاص، إذ يعد حافزا مهما للربح الدافع الأساسي لزيادةالإنتاج، وهو المحرك الأساسي لأي قرار يتخذه المنتجون والمستثمرون، ويؤدي التنافسبين المنتجين أنفسهم وبين المستهلكين فيما بينهم إلى الاستغلال الكفء للمواردالاقتصادية، فتؤدي المنافسة إلى توفير السلع بأحسن جودة وأفضل الأسعار من خلالتعريف المستثمرين ببيئة الأعمال الجديدة وبفرص الاستثمار المتاحة المحليةوالخليجية بأكبر عائد وأقل تكلفة وجهد خلال المستقبل القريب، وكل ذلك يصب فيالمصلحة العامة للمستهلك المصري

شيوع ظواهرسلبية كثيرة في الأسواق؛ أبرزها الغش الصناعي والتجاري، والاحتكار، والمغالاة فيالأسعار، وهذه الظواهر لا تضر بالمستهلك وحده، لكنها تضر بالمجتمع كله، وهناكمؤشرات للخسائر الناتجة عن الغش التجاري في البلاد العربية التي تعاني من هذهالمشكلة وهي مؤشرات تحتوى على أرقام ضخمة،

ومن هنا أصبحت المواجهة واجبة وحتمية، وهذه المواجهة تحتاج إلى تكاتف جهود مؤسسات وأجهزة كثيرةداخل المجتمعات العربية، منها أجهزة الرقابة والمتابعة، وهذه لديها صلاحيات الضبط، وتحرير المخالفات، وتطبيق العقوبات على المخالفين والمتجاوزين للقواعد الضابطةللأسواق.. لكنها وحدها لا تكفي، ويجب أن تواكبها حملات توعية وتوجيه، ونشر للقيمالدينية الضابطة لسلوك كل المتعاملين في السوق.

ان المستهلك يظل هو العنصر الأضعف في منظومة السوق، فهو ضحية الغش، والمغالاة في الأسعار،والتطفيف في المكيال والميزان، وهو ضحية كل صور الاحتكار، ولذلك يجب أن نعترف بأنالمستهلكين في حاجة إلى مزيد من إجراءات الحماية وحماية حقوقهم، وهنا لا ينبغي أننحملهم مسؤولية ما تشهده أسواقنا من فوضى واضطراب ونطالبهم بالمراقبة أو المقاطعة،لأن رقابة الأسواق لها أجهزتها المعنية بذلك والتي تمتلك كافة الصلاحيات لمحاسبةالمتجاوزين وتقديمهم للعدالة.. ثم يأتي دور المستهلك بعد ذلك، وهذا الدور لنيستطيع المستهلك القيام به دون وعي وتوجيه مستمرين، ودون وجود هيئات وتنظيماتشعبية تعاونه على ذلك.

بعد تطورالتجارة من خلال الأنترنت في الآونة الأخيرة، مما يتوجب عليه محاولة إيجاد الطرقلحماية المستهلك من الغش أو الخداع الذي قد يتعرض له مثل شراء بضائع منتهيةالصلاحية وذلك من خلال شبكة الإنترنت، أو شراءه أجهزة عندما يقوم باستلامها يجد أنبها عيباً أو غيره من الخدمات التي قد يقوم بطلبها من خلال شبكة الأنترنت ولا يوجدما يؤمن له حقوقه كمستهلك لها.

وقد ظهرتالعديد من المواقع في الدول الأوروبية تدعم المستهلك وتواجه الغش والتضليلالتجاري، وظهرت كذلك العديد من المواقع العربية لحماية المستهلك وتعريفه بحقوقهالاستهلاكية وتؤكد على حقه في الاختيار وحقه في التأكد من سلامة المنتج ومعرفتهبأي عيوب بها، وحقه في التعويض في حالة ما إذا كان هناك ضرر في هذه السلعة.

وتقوم هذهالمواقع بتقديم خدماتها من خلال منتديات ومنصات يتم فيها تبادل الخبرات ويعرض فيهاالمستهلكين تجاربهم السيئة في الشراء حتى يستفاد منها الآخرون، وتقدم تحديثاتدائمة بشأن مواقف الغش التجاري وتحليلها من قبل المتخصصين في هذا المجال.

وتقوم هذهالمواقع بتلقي الشكاوى من خلال البريد الإلكتروني، وتعطي الكثير من الوقت والمساحةلعرض الكثير من المعلومات التي تساعد المستهلك على معرفة حقوقه وتجنب الوقوع في فخالغش والتضليل.

وقد بدأتالتجربة الأولى في حماية المستهلك في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك عام 1962وقد أعلن حينها الرئيس الأمريكي جون كنيدي في الكونجرس الأمريكي أن هناك أربعةحقوق يجب أن يتمتع بها المستهلك وهي:

الحق فيالمعرفة

الحق فيالأمان

الحق فيالاختيار

الحق فيالاستماع

ويقوم بتطبيقهذه الحقوق مؤسسات التجارة والغذاء وكذلك هيئة المستهلك لسلامة الدواء. كما شهدتكل من بريطانيا وفرنسا تجارب كبيرة في مجال حماية المستهلك، وأصدرت العديد منالقوانين التي كان لها الكبير من الأثر في دعم وحماية المستهلك. إن الموازنة بينالنشاط التنافسي وحقوق المستهلك أمر فرضته قواعد اقتصاد السوق، وذلك نظرا لاتساعاختلال التوازن بين المستهلك كطرف ضعيف في العلاقة الاقتصادية وبين العونالاقتصادي الذي يهيمن على تلك العلاقة بقوته الاقتصادية وكفاءته التقنية في مجالالإنتاج والتوزيع. لأجل ذلك تدخل المشرع المصري بموجب قانون حماية المستهلك وقمعالغش،

وكذا قانونيالمنافسة والممارسات التجارية، بفرض جملة من الآليات الموضوعية والإجرائية علىالعون الاقتصادي، والتي من شأنها حماية حقوق المستهلك وتحقيق علاقة اقتصاديةمتوازنة.

تتبنى مصراقتصاد السوق الحر وقد بدأ برنامج إصلاح اقتصادي شامل لإعادة هيكلة الاقتصادالمصري منذ عام 1991 وتضمن هذا البرنامج حزمة من السياسات المالية والنقديةوسياسات الخصخصة وإصدار العديد من التشريعات. ولقد ساهم هذا البرنامج الإصلاحيبشكل كبير في تعزيز الأداء الاقتصادي للسوق حيث شهدت الألفية الجديدة تزايد نسبةالاستثمار الأجنبي في السوق المصري.

يقصد باقتصاد السوق الحر النظام الاقتصاديالذي يتمتع فيه كلا من البائع والمشتري بحرية الاختيار حيث تتحكم آلية السوقبتحديد الأسعار طبقا لقوى العرض والطلب الخاصة بكل سلعة أو خدمة.

يقتصر دورالدولة في الاقتصاد الحر على تطبيق القوانين ومراقبة الأوضاع داخل السوق. وهذايعني أن الحكومة لا تتدخل بشكل مباشر في عملية تحديد ووضع أسعار السلع فهي مجردمراقب لهذه العملية وكل ما عليها هو التأكد من أن الأسعار المحددة هي أسعار موضوعةطبقا لقوى العرض والطلب. ولا تدخل الحكومة في إدارة الاقتصاد بشكل مباشر إلا فيحالات استثنائية ووفقا لضوابط وشروط معينة

تعد سياساتالإصلاح الاقتصادي التي اتبعتها الحكومة المصرية من أهم السياسات الاقتصادية منذالتسعينات لأنها أسهمت في تغيير بنية الاقتصاد القومي من اقتصاد يعتمد على القطاعالعام إلى اقتصاد يتزايد فيه دور القطاع الخاص،

ومن الدور المركزي في إدارة الاقتصاد إلى السماحلقوى السوق بالعمل في مجالات متزايدة. وقد تضمن البرنامج عدة سياسات منها إصلاحوتحرير سعر الصرف ، وتنفيذ برنامج للخصخصة وتحرير القطاع العام والتجارة الداخليةوالخارجية.

وقد أصبح المستهلكون يهتمون اهتماماً غيرمسبوق بطريقة إنتاج الأغذية وتجهيزها وتسويقها، وتتزايد مطالباتهم بأن تتحملالحكومات مسؤولية أكبر لحماية المستهلك وضمان سلامة الأغذية.

وتهم منظمةالأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية اهتماماً كبيراً بتعزيز النُظم الوطنيةللرقابة على الأغذية التي تستند إلى المبادئ والخطوط التوجيهية العلمية، والتيتتناول جميع قطاعات السلسلة الغذائية.

ولهذا أهمية خاصة في البلدان النامية في سعيهاإلى تحسين سلامة الأغذية وجودتها ورفع مستوى التغذية، ولكن هذا الأمر يتطلب مستوىعالياً من الالتزام السياسي.

وفي كثير منالبلدان تكون الرقابة على الأغذية ضعيفة بسبب كثرة التشريعات وبسبب تعدد جهاتالاختصاص وبسبب نقاط الضعف في الرقابة والرصد والإنفاذ. وتسعى الخطوط التوجيهيةالتالية إلى تقديم المشورة للسلطات الوطنية بشأن استراتيجيات تقوية نُظم الرقابةعلى الأغذية بما يضمن حماية الصحة العامة ويمنع الغش والتحايل، ويتجنب تلويثالأغذية، ويساعد على تسهيل التجارة.

ومن شأن هذهالخطوط التوجيهية أن تساعد السلطات على اختيار أنسب الخيارات في نُظم الرقابة علىالأغذية من حيث التشريع والبنية الأساسية وآليات الإنفاذ. وتوضح الوثيقة المبادئالواسعة التي تحكم نُظم الرقابة على الأغذية، وتقدم أمثلة على البنية الأساسيةوالأساليب التي يمكن أن تسير عليها النُظم الوطنية.

 

 

 

 

موضوعات متعلقة